أصبح من المهم أن تضيفوا أصابع البطاطس المقلية والمقرمشة تلك التي يصفها الإعلان بالذهبية إلى قائمة الأطعمة المسببة للسرطان، وعلى ذمة خبر نشرته الشرق الأوسط نقلاً عن صحيفة أمريكية فإن دعاوى سترفع هناك ضد مجهزي البطاطا وتطالب الجهات التي تعتزم إقامة الدعاوى وهي مجموعتان بيئيتان بوضع تحذير على البطاطا المقلية من وجود مادة “الاكريلاميد” الكيميائية المسببة للمرض الخبيث، ويقول الخبر أنه في اختبار حديث للبطاطا التي تقدمها مطاعم ماكدونالدز الشهيرة، ظهر أن تركيز هذه المادة يزيد ثلاثمائة مرة عن الحد المسموح به من قبل وكالة الغذاء والعقاقير الأمريكية.
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، قلت هذا وأنا اقرأ الخبر، وعرفت نعمة الجهل، فهل تعرفون أيها السادة ما هي مشكلة العالم الغربي فيما يتعلق بصحة البشر؟
أنا أقول لكم.. مشكلتهم أن لديهم جهات وهيئات ومؤسسات رسمية وأهلية تفحص وتلاحق كل شيء، ولديهم أنظمة وقوانين وإمكانية رفع دعاوى بتعويضات بالملايين قد تطيح بشركات ضخمة، وجود مثل تلك القوى الفاعلة هو سبب مشاكلهم التي لا تنتهي واكتشافاتهم في كل يوم وليلة عن مسببات الأمراض والصداع والاحتيال، وتصوروا معي لو أن لدينا مثل تلك الأجهزة أقصد الهيئات والمؤسسات.. تصوروا ماذا يمكن أن تكتشف؟، وهل سيهنأ لنا طعام أو شراب بعدها!؟
الجهل نعمة جديدة نكتشفها فماذا يفيد العلم بمثل هذه الأمور سوى ازدياد القلق والهم، والامتناع عن أكل وشرب طعام تعودت عليه، وأسوأ من هذا شعورك بالحرمان من أشياء تحبها، ليس هناك مثل أخو الجهالة كما قال أبو الطيب الذي في الشقاوة ينعم، من هذا نستطيع إدراك بعد النظر في عدم وجود فاعل لمثل جهات الرقابة تلك عندنا، وهي في الحقيقة موجودة وغير موجودة حسب الرغبة والاتجاه، فهي تخرج أحياناً مثل مارد مصباح علاء الدين، ولا تعرف من فرك المصباح وأزعج المارد الذي تحول إلى آلة رد على المكالمات.
وسبب وجود مثل تلك الأجهزة لدينا بصورة غير مرئية أنها تبحث عن أشياء مختفية وغير مرئية، فلابد أن تقتفي أثرها بنفس الإمكانيات، نوع من التخصص ووضع الجهاز المناسب في المكان المناسب.
ولو نستطيع قفل نوافذ الأخبار التي تهل علينا مخبرة عن مثل تلك الكشوفات لعشنا في راحة ورغد، ولا أنسى عدم الالتفات لتحذيرات بعضنا البعض، خاصة وأن مصادر الأخبار تعددت وتلونت.
وأنا مثل بعض منكم لا أستطيع التفريق بين البطاطا والبطاطس لذلك ترون أنني كتبت كلاهما لعلي أصيب، وهذا من الجهل الإيجابي الذي تحرص الجهات المعنية لدينا على تعليمنا إياه بصبر وحكمة وأناة وثبات يندر مثيله، متحملة في سبيل ذلك نزقنا وعصبيتنا وهواجسنا القلقة،
والحقيقة أن البطاطس والبطاطا كل منهما تقوم بالمقام فكلاها نشويات، صحيح أن ألوانها مختلفة وبعض منها يصبح هريسة عند القلي، لكني أعتقد أنهما مثل بعض، لا فرق، أنها مثل وجود الأجهزة وعدم وجودها.. لدينا.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط