90 أو 99 في المئة

غداً تعقد ندوة تقودها وزارة الصحة بمشاركة من العدل والإعلام بعنوان «الأخطاء الطبية وآلية التعامل معها». صحيفة «الوطن» وضعت عنواناً غير دقيق، إذ قالت «ثلاثة وزراء يواجهون الأخطاء الطبية بآليات وحلول»! والحقيقة غير ذلك. الوزراء سيستعرضون آليات العمل – الحالية – في قضية الأخطاء الطبية، بمعنى أن لا مشروع جديداً لمواجهة تزايد الأخطاء الطبية وشكاوى الناس منها، إنما يمكن – وهو احتمال – أن تتمخض عن الندوة توصيات أو تمنيات.
لعل هذا التوجّه في مناقشة القضية بمشاركة من العدل و… الإعلام، لا يرمي إلى تحييد الأخير في مسألة النشر. آليات العمل في قضايا الأخطاء الطبية معروفة للمتابعين، والحقيقة أن هناك أطباء يشتكون من حملة تشويه تطاولهم من الصحف والكتّاب. قرأت وسمعت من إخوة كرام مثل هذا، وأي كاتب موضوعي يحاول الإنصاف ما أمكن، وأكثر من ينشرون عن الأخطاء الطبية لا علاقة لهم مباشرة بالضرر، إنهم ينقلون شكاوى وحالات تمت أو ماتت! أيضاً الإشارة المتكررة إلى أن الأخطاء الطبية تحدث في دول العالم المتقدم مجتزأة ومبتسرة، إنها لا تناقش قضايا التعويضات هناك والتشهير، إضافة إلى أحوال الترافع. وعندما تقوم لجنة طبية شرعية بالحكم لمصلحة مريضة تم نسيان مقص معدني في بطنها، بتعويض 70 ألف ريال يقتطع منها 30 ألفاً من «صندوق الدولة»، لا بد أن يشد الإنسان شعر رأسه.
الحقيقة أن الطب تحول إلى تجارة، وأسهمت وزارة الصحة باشتراطها شراكة طبيب في تحويل الطب إلى تجارة، ويتحدث «أهل الصنعة» عن طبيب له شراكة في أكثر من عشرة مراكز، ويعلق رجل الشارع «وش يبد عليه»! وهي تشارك حالياً في تحويل الصيدلة إلى تجارة، بحسب أنظمتها يحق للصيدلي فتح عشرات الصيدليات، ولا بد من صيدلي لرخصة الصيدلية، من هنا لا بد أن تزداد الأخطاء الطبية ويتردى مستوى الخدمات الطبية وتتحول الصيدليات إلى سوبرماركتات. ويضاف إلى هذا عدم قدرة الصحة على مراقبة مستشفياتها فكيف تراقب القطاع الخاص؟
القصة إدارية بامتياز، والهروب منها إلى تحميل الإعلام المسؤولية يسهم في تضخمها، والحل هو في استعادة الثقة بالطبيب والطب، ولن يأتي هذا بتصريح مثل تصريح مستشار لوزير الصحة الذي قال إن 90 في المئة من الشكاوى التي تصل لمكتب الوزير غير صحيحة.
يكفي مثل هذه الحالة. تلقّى مواطن في نجران اتصالاً من الإخلاء الطبي يطلب منه سرعة التوجّه مع زوجته المريضة لنقلها بالطائرة للمجمع الطبي بالرياض، لكن الزوجة توفيت الى رحمة الله قبل أربعة أشهر.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على 90 أو 99 في المئة

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    اليوم التعليق ليس لكاتبنا العزيز ابو احمد احتاج اعلق للمستشار :
    لالا ياسعادة المستشار ماهو تسعين في المئة وانت صادق تسعه وتسعين فاصلة وتسعه
    من عشرة في المئة غير صحيحه ..
    وهولاء الكتاب وهذه الاقلام التي تتصايح يحتاجون للشهرة مرورا بنفق الصحة .. والا الامور
    كلها مئة مئة .. بالله العظيم يطلبوا طائرة اخلاء طبي معقول بعد اربعة اشهر تصل .. هذا
    كلام مبالغ ياسعادة المستشار .. اول مرة في الدنيا نسمع انه الاخلاء الطبي بالدور والطابور
    اتركك منهم ياسعادة المستشار وبلغ الوزير انه كله الامور تمام والمواطن ماعنده الا يقوم من
    النوم وهو يدعيلكم .. حتى انه بعض مرات يستأذن من عمله عشان يرجع البيت يكمل الدعاء
    والمواطن بصراحة مدلع شويتين .. يعني ايش حصل مصيبة عندما يتم نسيان مقص .. والا
    مشرط في بطن المريض .. يااخي فيه عند الدكتور الجراح مشكلة عاطفية نفسية تكنولوجيا
    مافيه مشكلة محاكمة واخطاء طبية وتهويل للامور .. سيروا مثل ماانتم ولاتلومكم في الحق
    لومة لائم .. وهي وجهة نظر .

  2. فراس عالم كتب:

    تحية لقلمك الشجاع، المشكلة كبيرة و معقدة بالفعل و لا ينفع معها ندوة تؤخذ فيها الصور الجماعية و ينصرف كل إلى غايته. لدينا خلل كبير في النظام الصحي و النظام القضائي و المشكلة أعمق كثيراً من مجرد ثنائية مريض و طبيب. لن تحصل ابدا على خدمة صحية راقية مهما دفعت من مال ما دام مقدم الخدمة لا يراقب و لا يحاسب و ما دام كل تاجر حديد و خشب يستطيع فتح مستوصف و استقدام أطباء من دول فقيرة علمياً ثم يأمرهم بتحقيق دخل عال تحت التهديد و بدون توفير أبسط الإمكانيات الضرورية لتسمية المكان عيادة فضلا عن مستشفى. ثم نلوم الطبيب لأنه أخطا أو تحايل و نطالب بعقابه و ترحيله….و المجرم الحقيقي مشغول بافتتاح فرع آخر لمجمعه الطبي

التعليقات مغلقة.