نموذج الفول

على رغم أهميتها فإن وظيفة مراقب البلدية من الوظائف «المنقودة»، لا بسبب مهماتها فهي وظيفة أمانة أمنية، إنما الانطباع جاء من تراكم يُتداول عنها يجمع بين الاستغلال والتراخي.
يرى المستهلك أن الوضع مائل ويرمي المسؤولية على البلدية ومراقبين لا يقومون بواجبهم، في حين يرى التاجر تعسفاً من مراقبين ويذكر محتجاً تجاوزات أو «طلبات» تحت ضغوط الغرامات.
هذه هي الصورة الذهنية السائدة شئنا أم أبينا. تغييرها يحتاج إلى جهود ضخمة مستمرة.
لكن، تخيّل معي أنك تعرف مراقب بلدية بشكله وهندامه، ودخلت مطعماً لتجده جالساً يأكل وحوله مدير المطعم أو كبير الندلاء، بماذا ستفكر يا ترى؟ ألن تهمس في أذن صاحبك مع ابتسامة ساخرة؟
بل تخيّل أن مجموعة الفوّالين الوطنية وهي صاحبة أكثر فروع لدكاكين الفول الوطني في أرجاء البلاد نُشر لها إعلان تحريري «مدبوغ الثمن» عن اجتماع مجلس أمنائها الأخير، وظهر في الإعلان مراقب البلدية مبتسماً كعضو فاعل في المجلس أو حاملاً مقصاً جائعاً لقطع رقبة شريط ملوّن، وقتها بماذا «تهوجس» يا ترى؟ وهل ستأكل فولاً أم تستعيض عنه بفطور آخر مع خيارات الإفطار القليلة؟
ربما يكون مراقب البلدية وعضو مجلس الأمناء في مجموعة الفوالين الوطنية رجلاً أميناً مخلصاً في عمله، إلا أن هذا – بينه وبين ربه – الناس لهم الظاهر، وعضويته في مجلس أمناء الفوالين مسببة للشكوك في جودة الفول ونظافة العمال والصحون. الفول يرفع «الكلافة»، عندما تأكل خبزاً وملحاً مع شخص يعني هذا أنك وإياه أصبحتما «إخوة بالأكل»، فكيف إذا كانت الوجبة صحن فول، ثم ماذا عن شركات فوالين أخرى، مثل «شركة فول القلابة القابضة»، أو شركة «تاوه ستي»، حيث لم ينضم إلى مجالس إداراتها أو أمنائها مراقب بلدية.
الدهشة هي رد فعلك الأول – هكذا أتوقع – اللهم إلا إذا تغيّرت قيم وأعراف ومسلّمات، ستقول كيف يسمح لمراقب بلدية بالانضمام إلى شركة فوالين، ونشاطها من صلب عمله الرقابي، ربما تضع أسباباً. المراقب يجب أن يكون مستقلاً بعيداً من تدسيم الشوارب بالزيت أو السمن، إنه من يحدد جودتها ومطابقتها وصلاحيتها للاستهلاك البطني… وقد قيل «ولد بطني يعرف رطني» فإذا كانت أختك من الرضاعة «تفتش لك» فما بالك بإخوة البطون وعن ماذا سيفتشون أو يغطون!
أقول هذا وأنا أرى أخباراً وإعلانات عن أعضاء في مجالس إدارة/ أمناء شركات خاصة هم – أساساً – مسؤولون في جهات حكومية رقابية إشـرافـية على نـشـاط تـلـك الشـركات، وهـم مـن يحـدد جودة وتأهيل مخرجات تلك الشركات أو فولها المطروح للعامة، ولم يعترض أحد، لماذا؟ ألأنهم أعلى مرتبة وظيفية من مراقب البلدية المسكين؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على نموذج الفول

  1. riyad كتب:

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    اذا كان رب الدار بالدف …..

    الاصلاح صعب
    والله صعب في هاذي الظروف

    و الريحة فاحت ( على طاري الفول )
    يعني خاربه خاربه

    تبغاني اقص لك وش عندنا من تراخي في قطاع حيوي او …. خلها مستورة

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    لالا يابو احمد ليس عضوا في جمعية الفوالين الوطنية .. المراقب هذا طال عمرك
    هو خبير التذوق لمنتج الفول .. مهمته الله يديم عليك محبة عبيده .. انه يصحى
    الصباح ومع اول جرة فول تخرج ان يتذوق كيف طعم الفول وان كان يحتاج طحينة
    شوية والا يحتاج زيت والا سمن والا يكتفى بكفتيرة موية حارة واذا كانت الامور
    تمام اعطى اشارة البدء وبعض اوقات يضطر للاجتماع مع اللي قاعد على الجرة
    يعطيه تعليمات تساعد في هضم الفول للزبائن ..
    وانا اقول ايش اللي حاصل عندنا في البيت .. الله يرحم الوالد ويسكنه فسيح
    جناته خمسة واربعين سنة وهذا السواق يصلي العشاء في المسجد ويروح
    لراعي الجرة وخمسة ريال فول وصار الموضوع اشبه بالدوام الرسمي ..
    لايكون يابو احمد هذا المراقب حط لنا في الجرة سحر خلانا متكيفين كل هذا
    التكيف مع الفساد الذي يرتع في مفاصلنا .. من اليوم ماعاد فيه فول وحتى
    وان كتب الوالد الله يرحمه في الوصية . وسلامتك

  3. الوافي كتب:

    الاخ عبد العزيز اشكرك على هذا الطرح لا نه موضوع حساس وهذا موضوع حاصل لا شك فيه بل وصل االى اعظم من لك في غياب دور المباحث الاداريه وهيئه الرقابه والتحقييق التي تربطها مصالح شخصيه مع هذه الفئه واقول لك باختصار ان هذه الدوائر اذا لم تتحرك فستصبح اللملكه مصر الثانيه ويصبح الفساد علني موفي هذا المجال بل كل المجالات سنصبح امه بدون ضمير

  4. مراقب صحي كتب:

    الاخ ابو احمد انا من اشد المعجبين بكتاباتك ومتابع جيد لك ماتتكتب واشكرك على هذا الحس الوطني ولا انكر انا هذه الفئه المرتزقه موجوده بيينا بل قد وصلت الى اكبر من هذا ولاكنهم لا يملثون الجميع ولا اخفيك ان رواتب المراقبين ضعيفه جدا اسواة بزملائنا في وزوزاره الصحه وهيئة الغذاء لا حوافز ولا دورات تتطويره ولا كادر صحي ولا اخيفك ان بعض المراقبين مع كل هذا ان بعض المراقبين يعمل على سيارته الخاصه مع العلم انها تاتي سيارات جديد ولاكن تروح للاقربون مع العلم ان وظائفهم ادريه لايسمح له باخذ سيارات وومن هذا المبر نوجه دعوه لك بططر ح هذا الموضوع ونرجو ان تاخذه بعين الاعتبار ان توجه نداء للمسؤلين في هذا الشان بتحسين وضع المراقب الصحي ومحاسبتة من يتهاون في عمله لا ن هذه الفئه حساسه جدا تقوم بدور هام في المجتمع مع العلم اننا قد وجهنا نذاءات كثيره ولاكن لا جدوى واخر ماتوصلنا اليه يقولون انها تدرس في مجلس الخدمه المدنيه من قبل عامين

التعليقات مغلقة.