التقرير السنوي أو معرض المجوهرات

يخضع التقرير السنوي للمنشأة حكومية أو خاصة إلى عمليات تجميل عدة، من شدّ وقطع ونفخ وتلميع، وهناك شركات متخصصة تخرج لك ما تريد وبالشكل الذي تريد، بمبلغ محترم. يتم اختيار مصورين محترفين يجتهدون في صناعة صور منتقاة كفيلة برسم انطباع إيجابي، أيضاً تستخدم صورة أكثر الموظفين وسامة وانشراحاً، وتقدم له إجازة ليجمع كل الابتسامات التي مرت عليه في حياته. إذا عجزت المنشأة عن اكتشاف موظف صالح… يستخدم بديل متوافر في مخازن شركات الدعاية. يتم تحميض الصور في سنغافورة أو لندن. ينتقى الورق لماعاً صقيلاً «من اللي ودك تاكله»، هذا من ناحية الشكل. في جانب المعلومات والمضامين يحرص على الانتقائية والدفع للمستقبلية. هنا ينبغي عدم تجاوز جملة الجملة، فالتفاصيل مزعجة أليس الشيطان قابعاً في دهاليزها.
في العادة لا يقرأ من التقارير السنوية سوى الخطاب المرفق بها وتطالع صوراً تشبه معارض المجوهرات، لكن لعلك لاحظت مثلي أن تقارير المنشآت الحكومية لدينا لا تحتوي على أية سلبيات، وكأننا في المدينة الفاضلة.
ولنفترض أن شخصاً من الخارج وقعت عيناه على تقارير سنوية تخرجها شركات الإعلان لجهات حكومية، واطلع عليها، ماذا يستنتج يا ترى؟ لابد من أن عينه الجاحظة ستضرب البلد بحمل بعير من الحسد.
«ايش جاب الطاري»، الحقيقة أني قرأت مقالاً للدكتور راشد المبارك في صحيفة «الرياض» بعنوان «رسالة إلى معالي محافظ هيئة الاستثمار»، التقط فيه بعض المفاصل اللغوية الفضفاضة في أسلوب صياغة التقرير السنوي لهيئة الاستثمار فأبدع، وكثير من التقارير السنوية تستخدم لغة: دعه يتخيل… دعه يحلم – «خليه يعبي الفراغ»-، اجعل الحلم حقيقة في دماغه.
من الطبيعي أن ينشر في التقارير أفضل الموجود وحتى المأمول، لكن ليس من الحق حجب المعلومات واعتبارها سرية. ابحث عن معلومات مفصلة عن أحوال الاستثمار الأجنبي في السعودية، في السنوات القليلة الماضية، لن تجد سوى أرقام مجمعة للأموال التي استقطبت، ولا أحد يستطيع تأكيد أو نفي هذا سوى جهات حكومية أخرى، أحد قوانينها الذهبية «مالنا دخل»!
حتى تكون التقارير السنوية ذات قيمة ونفع لنتأكد من تحقيق الأهداف المعلنة لابد من أن تقوم بإعدادها جهة أخرى مستقلة ومحايدة، اقلها يكون هناك التقرير المعاكس. وقتها قد نحصل على صورة أوضح لمنتهى الطريق الذي تسير عليه المنشأة وفي أي محطة متوقعة ستتوقف أو تصطدم، ينصح هنا بجردة للخسائر المحتملة وتداعيات آثار التراكمات أو اعتبارها ديوناً معدومة منذ الآن.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على التقرير السنوي أو معرض المجوهرات

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    يخضع التقرير السنوي للمنشأة حكومية أو خاصة إلى عمليات تجميل ..
    عودة استاذي الحبيب الى المربع الاول ..
    (الاعادة)
    التقارير السنوية للمنشأة الحكومية وخاصة التي تنشر عبر وسائل الاعلام هي ضمن حزمة
    الملوخية التي يتزفلط باعتبار ان الملوخية فيها مافيها من مواد مزفلطة من اجل تمشية
    الامور والامور هذه فيها بارك الله فيكم استاذنا لها مصالح مرتبطة مع صوير وعوير واللي
    مافيه خير .. بعض الاقلام ( بعض الاقلام ) ( بعض الاقلام) احييت فسادا في البلاد اهلك
    الجرث والنسل الامر الذي يجعلنا نتساءل فين اقلام زمان والله وفين اعلام زمان .. ايام
    رفاعة الطهطاوي وقاسم امين وزكي مبارك وعلى جمعه ..
    احسدك على ثباتك حتى هذه اللحظة يابو احمد واحسد كل قلم شريف نزيه ملئي
    بالمواطنة .. لكنني لااحسد اي جهاز رقابي بل ارثي لحاله ..
    على فكرة يابو احمد هذا المواطن اللي خرج عن ملة الاسلام ولعياذ بالله واعتنق المسيحية
    واللي جاء ذكره في ستة الاف موقع سؤالي بس كيف صفط الفول .. في نيوزلندا ماعندهم
    فول وماعندهم الا خرفان لكنها ماهي زي اللي عندنا والاهم ماعندهم فولتيزم .
    الدعاء ان الله يصلح الحال . طولت عليك يابو احمد سامحني .

التعليقات مغلقة.