عطارين

مرر صديق رسالة بريد إلكتروني يدعي فيها أحد العطارين اكتشافه علاجاً لمرض السكر ينهي معاناة المصاب خلال 50 يوماً، ويتحدى. والكلام في العلاجات امره سهل و50 يوماً كافية للتربح، وعلى المتضرر – إن اكتشف الضرر – العض على الشفاه، لكن، لماذا نستمر في وضع «مختبر التجارب» هذا؟ لماذا يسهل إقناع الناس بعلاج يقول به شخص تمسّح بالطب الشعبي أو التدين أو كلاهما؟ كيف ينشط هذا الأمر وتجد له تجاوباً في إعلانات فضائيات تعيش مثل الطفيليات على أوجاع الناس وجهل بعضهم مع اضطرار.
إذا فتشت تجد أن المشكلة كامنة لدى أهل تنظيم ورقابة المهن الصحية والصحة، الطب البديل والشعبي تم إهماله وعدم الاعتراف به، ليس هناك وضوح دقيق في هذا الشأن، وكأن المعنيين يخشون منافسة، بيئة مناسبة لسوق سوداء اذا ما أضفت إليها تحول الطب العصري إلى تجارة من التحاليل إلى الجراحات. قبل أيام أخبرني صديق عن سيدة فحصت لدى مستشفى تجاري ضخم تتزايد فروعه، قيل لها إنها مصابة بمرض خبيث وعاشت حالة رعب، استطاعت السفر الى بلاد تحترم فيها قيمة الإنسان وفحصت ليظهر خطأ التشخيص الأول. ولن يحدث شيء يذكر لأصحاب التشخيصات الخاطئة بل لا يمكن إحصاؤها للمشتكي. سيقال… يحدث في كل دول العالم! فنحن لا نعرف دول العالم إلا في الأخطاء وعند ظهور القصور.
هذا الواقع حوّل غالبيتنا إلى عطارين… «نتعاطر» مع بعضنا البعض، ونعيد اكتشاف توابل وأعشاب. يمكن ملاحظة ذلك عندما تكح وأنت تتحدث بالجوال، ستأتي لك وصفة علاج جاهزة من المتصل، أو تخبرك إحداهن عما شاهدته في قناة العطارة والطب، وعندما ينقل البعض أخباراً سمعوها يتحولون بإصرار إلى محامين لها، كأنها فرد من أفراد الأسرة!
لا يستغرب ان يظهر لنا كل يوم شخص يدعي اكتشاف علاج جامع مانع حتى لأمراض الأجهزة الحكومية. مع هذا الوضع المهلهل للصحة والطب بأنواعه، أناس لديهم الصلاحية والقدرة على التنظيم ولا يتصدون، وآخرون في حاجة عن قشة يبحثون.
والعلاج بالعلاج يذكر. قرأت مقالاً للزميل الأستاذ تركي السديري، رئيس تحرير «الرياض»، يعتذر فيه لمستشفى الملك فيصل التخصصي عن تحقيق نشرته «الرياض» أشار إلى استخدام المستشفى للرقية الشرعية، والحقيقة اني اطلعت على التحقيق وسألت مصدراً موثوقاً عن صحة ما ورد فيه فنفى ذلك. المشكلة ليست في الرقية الشرعية فأمر ذلك محسوم، بل في سوء استغلال مع عدم تنظيم لها وإهمال البحث العلمي فيها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على عطارين

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    إن اكتشف الضرر – العض على الشفاه..
    وهذا يابو احمد العض على الشفاه ماله اخر .. نقعد طول النهار نعضعض في شفاهنا ..
    والا نأجر واح يعضعض لنا .. والخوف يابو احمد اننا نعضعض لبعض وهذه المصيبة …
    يابو احمد الاستخفاف بعقولنا اوصلنا برسائل اذا ترغب تطول قامتك .. واذا ترغب تكبر
    اذانيك .. وان اقول الصلاة على الحبيب المصطفى وابغى اكبر المخدة وهو هذا الحل
    النوم ,, كل ماجاتني رسالة ملونة .. ابيض واسود بس .
    شكر الله لكم استاذنا

التعليقات مغلقة.