«عشقت حرف الدال»

نعيش مرحلة «جلد» شهادة الدكتوراه إعلامياً، حتى أصبح بعض حملتها يخجلون من ذكرها. واحد منهم قال لي ذلك على رغم حصوله عليها من جامعة أميركية محترمة – وبروزه في مجاله أكاديمياً وطلابياً. الطلاب في الجامعات مرآة الأساتذة.
السبب الظاهر على السطح – للجلد الإعلامي – هو طوفان التزوير وشراء الشهادات من الداخل والخارج، لكني أرى أن هذا ليس سوى القشرة الخارجية للقضية، أما اللب والمضمون فهو أن المجتمع فاض كيله من تكاثر اللاهثين وراء الشهادة لأغراض ليس العلم من بينها، والعلم بالأهداف مقدمة للحكم على الهدافين. الهدف الأساس هو الوظيفة والمنصب الكبير، سلاح «نووي» يضيف للقدرة التنافسية. والحقيقة أن الشكل انطلى على المجتمع ردحاً من الزمن، الحلية الاجتماعية الوظيفية المسماة شهادة كبيرة رفع المجتمع من شأنها اعترافاً بفضل العلم، وعندما ظهر أن لا علم هناك بل مجرد «صفصفة حكي» تغيّر هذا الواقع.
أكثر من يشعر بوطأة هذا هم الحاصلون على تلك الشهادات بصورة مستحقة، إنهم يرون رؤوسهم – العلمية – تتساوى مع آخرين هم أول من يعلم بحقيقتهم، حتى أن صديقاً يفكر بإصدار يرصد حملة الشهادات مع نبذة عن الجامعات والرسائل بشفافية.
50 مسؤولاً وقيادياً في تعليم الطائف – صحيفة «المدينة» – يحملون شهادة دكتوراه عليها علامات استفهام، أيضاً عدد لا بأس به – منهم – في تعليم المدينة المنورة، لاحظ أنهم في «التعليم والتربية». الإجراء الوحيد المتخذ، حرمانهم من وضع حرف الدال في الخطابات؟! ماذا عن الأمانة؟ «التربوي» لو أمسك بطالب يغش ماذا سيفعل؟
أما التزوير المستقدم وما كشف في كليات البنات قبل فترة فهو حالة أخرى. أيامها راسلتني سيدة من دولة عربية قالت إن الجهات المعنية في السعودية كشفت تزويرها شهادة دكتوراه. أعلنت ندمها وبررت بالحاجة الوظيفية، شاكرة حسن تعامل تلك الجهات، ثم تحدثت عن لجان التعاقد ودورها مع ذكر أسماء بعض الشطار. الزبدة تجدها في قولهم «إن لقحت أو ما ضرها الجمل».
هناك دور رسمي بالتأكيد لاستفحال هذا الداء برز أكثر في تنصيب حرف الدال، ولو كان هناك باحث شجاع لأنتج لنا بحثاً عن دور شهادات الدكتوراه في المعضلة الإدارية التي نعيشها.
حسناً، ما هو الحل؟ لديّ لقاح خفيف لطيف لو قامت به الصحف أو بعضها لأنتج أثراً محموداً، منع استخدام حرف الدال عند الكتابة إلا في حالة واحدة عندما يكون الموضوع تخصصياً، دكتور في الإعلام يكتب عنه توضع الدال، أما إذا كتب عن البطيخ فتحذف حتى لا يظن البعض أنه دكتور في البطيخ… عندها ستبلى القشرة الذهبية للحرف الخطير.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على «عشقت حرف الدال»

  1. منار كتب:

    مقال جميل مع التحيه (((( للدكتور )))) أحمد الغامدي

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    الحرف الوحيد في حروف الهجاء الذي يفتح الابواب المغلقة هو حرف الدال وماادراك ماهو الدال
    وعلى فكرة يابو احمد ( دال ) بالاردو يعني عدس يعني قريب من الفول والفول برضه مازال ورانا
    المهم يابو احمد فيه واحد من اياهم كزقعه قريب من الباشا المسؤل كان في وزارة اخرى غير
    الوزارة اللي يعمل فيها الان وكان يعمل فراش ومراسل فيها .. المهم ضربت معاه الامور هذيك
    الايام بدون دال ولا راء ولا ميم وصار وكيل في الوزارة الحالية .. المهم الان ماشاء الله عليه جالس
    يحضر شهادة الدكتوراه لاكن ماسألتني يابو احمد كيف التحضير وماهي المقادير .. التحضير الله
    يحفظك ثلاث عزائم كل شهر وعلى قدر اهل العزم تأتي العزائم .. والمقادير سفرية واحدة كل
    شهر يومين ويكون اختبر وخلصت المادة اقصد المقرر والمنهج من الاجتياز.. المهم يابو احمد
    الان هو فرحان اذا ضربت معاه وضم الى اسمه حرف الدال وعلى قلته يعطيك حصانه.. والحصانه
    هي مرة الحصان وكل في الاخر جري في مضمار الفساد .
    الله معاك يابو احمد .

  3. محمد الخميس كتب:

    الدكتوراه تعني التخصص الدقيق في مجال معين ولكننا استخدمناها ك قمة التعليم وصارت تعني أن حاملها قد وصل الى مستوى لا يصل اليه احد غيره مع أن راعي غنم قضى سنوات عديدة في العمل واكتسب خبرات لا يعرفها احد غيره يعد متخصصا تخصصا دقيقا ويكون احيانا في موازات من حصل عليها اكاديميا بل قد يتفوق عليه بسبب الخبرة والتجارب العملية في نفس الحقل.

    اللوم على المجتمع الذي دائما يعطي الشيء أكثر مما يستحقه ثم يسحب هذا الاستحقاق بشكل مفاجىء فنضيع في الطوشة.

    خصوصا مع كثرة الهزل والضحك على حملة الدكتوراه في هذه الأيام.

التعليقات مغلقة.