يوم «السطحات»!

لا يكل المطر من إرسال الرسائل، كأنه ديوان دقيق للرقابة والفحص والتدقيق، لا يجامل، يأتي بزخم وبرد كل سنوات منبهاً كل ذي قلب حريص، يقدم كشف حساب، وكأن سنوات الجفاف فترة سماح… للإصلاح. فاز شباب الوطن في الرياض، هبوا لنجدة باص الأطفال الصغار من الغرق في النفق، وغابت جهات «الإنجازات» فتعاضدوا وحدهم لينقذوا الأرواح. إنهم الشباب نفسه الذي يقال فيهم ما يقال عند بحثهم عن فرصة مشروعه، المشهد القديم تكرر في نفق جديد، كالعادة فشلت وزارة النقل ووزارة المياه وتصريف السيول وأمانة الرياض، وقبلهم جميعاً فازت هيئة الأرصاد مرة تلو المرة بمرتبة شرف الإخفاق. للأرصاد لغة. أما أنها لا تعلم أو لا تستطيع إيصال ما تعلم لمن يجب أن يعلم! أخطاء بشر يدفع ثمنها بشر، تستمر الأخطاء كأنها جزء من طبيعة – تجارب – التنمية، الحمد لله الذي أوقف المطر!
ندفع ثمن التلاعب بوجه الأرض وقسماته، تحت بند التطوير والتسويق، غيرت تضاريسها، عمليات «تجميل» موقته للبيع من دون اهتمام باحتمالات المستقبل، في العالم، تجري السيول في طرقاتها وللبشر طرق، لا يعتدي أحد على أحد.
الحمدلله الذي أوقف المطر، وإلا هل يمكن لنا تصور مقدار الخطر؟
يمكن اعتبار اليوم وأمس من أيام الصيانة في الرياض. آثار العاصفة الممطرة لا يمكن إحصاؤها يتوقع أكثر مما أعلن حتى الآن. الدفاع المدني والصحة أعلنتا حال الطوارئ. رياح عاتية مزمجرة وحبات برد ومطر هطلت بزخم هائل في فترة وجيزة، كان يوم «السطحات» بامتياز، «السطحة» هو الاسم الشعبي لسيارة تنقل السيارات المتعطلة تشبه الطيور الجارحة تنتظر إلى حين قرب هلاك سيارة في مدينة البرك المتعددة لتحط بجوارها، قال لي سائق «السطحة» بعد إنهائه اتصال والألم يظهر في صوته وقسمات وجهه، «اليوم كله يبغى سطحه.. وأنا ما يقدر»، المشكلة أن لا يستطيع إجابة كل الطلبات، وهو يحمل سيارة تقف بجواره سيارات تريد منه أن يحمل أخت لها، عامل آخر لاحظ أن كثرة الأمطار جاءت بسبب كثرة صلاة الاستقاء، قلت «الله لا يعاقبنا». ما أجمل المطر! يروي الأرض والقلوب ويكشف مكامن الخطر، يتحول في بلادنا لجرس إنذار ولمبة حمراء، «إذا سلم العود الحال يعود»، يقال المثل لمن لا حيلة له، لكن ماذا عن من بيدهم كل الحيل.
منذ زمن بعيد والأنفاق تحولت الى مصائد رهيبة، ليست المشكلة في خيار الانفاق بل في خيارات التنفيذ، وما دام التنفيذ على أحواله ومن يراقبه هو نفسه لم يتغير، لم يحاسب، والصيانه بالوتيرة نفسها والجاهزية ذاتها بحسب البركة، وتجزر العمل الحكومي في الطوارئ «كما كنت»، كل يعمل ويرمي على الآخر، سنبقى نتوجس ولا نعرف لمن سيكون الغرق وفي أي نفق.
فالحمد لله الذي أوقف المطر.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على يوم «السطحات»!

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    اولا سلامتكم وجميع اهلنا في الرياض من الفجعه.
    ثانيا : لا جدة غير ولا الرياض غير لآلآ يابو احمد انعدام معالجة فسادنا هو اللي غير ..
    البشر حلوقهم بحت وهي تصيح ياجماعه الخير يارقابة يامتابعه فيه فساد ماهو طبيعي
    ولا عندك احد ستستمر هذه الاوضاع وسوف تتطور الى ماهو ابعد وهذه الرسالة الثانية
    بعد جدة .. ونخشى ان الثالثة تكون اشد وطأة ,, والله يابو احمد اني اتألم وانا اشوف
    النت والكلام اللي قاعد ينكتب .. ارحموا من في الارض اسرقوا بس شوية وعلى خفيف
    ترى ثقلوها بالمرة .. الله المستعان بس .
    شكرا يابو احمد والله يرحم من مات ويسكنه فسيح جناته بس .

  2. فهد الجوفي كتب:

    بســــــــــــم الله الرحمن الرحيم

    الكاتب الفاضل الكبير /عبد العزيز السويد حفظك الله وأيدك وأكثر من أمثالك

    بمناسبة هطول الأمطار المباركة، والذي نرجو جميعًا أن تكون عواقبها خيرًا على البلاد والعباد ،وبالرغم ماحدث من أضرار ومآسي، فحدسي يوحي لي أن ما حدث في جدة والرياض لم يكن مصادفة.ولماذا في مدينتين كبيرتين وهامتين في البلاد. ألا ترى أن في ذلك رسالة من مالك الملك ، مالك الأرض والسماء والعواصف والمطر.إلى حامل أمانة هذا البلد حفظه الله من كل سوء ليقول له بما يشاء أن في الأمر أمور يجب الانتباه لها وكشف أهلها .لا يستطيع ذلك بعد الله سواه. أو سيكون بعد هذا ما بعده. وربما الرسالة القادمة ستكون لا سمح الله أدهى وأمر إذا لم تصحح الأحوال ويحاسب المفسدون العابثون في مقدرات هذا البلد وخيراته التي وهبها الله سبحانه من فضله وكرمه، فهم سبب رئيس في إعاقة نمو بلادنا وازدهارها وحتى سمعتها بين الدول، بل حتى في فقر كثير ممن لهم الحق في خيراته . وما قد يترتب على ذلك ويتعدى إلى الأوضاع الأمنية والاجتماعية.
    نسأل الله أن يعين خادم الحرمين ويحفظه ويوفقه في كشف كل مافيه ضرر لبلادنا ونسأله تعالى أن لا يرينا حوله وقوته إلا بما فيه خير هذه البلاد وأمنها وأمانها وعزتها. أما موضوع الأنفاق (المصائد -المصائب) ألا ترى أن تستبدل بكباري وجسور معلّقة ،ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    وفقك الله ياسويد فيما تقول وتكتب ، لا فضّ فوك ولا شلت يداك . حتى في لطائف عباراتك مثل دكتور البطيخ،،،، علمًا أن حتى مشايخ الدين لا يرضون إلا حين يقال عنهم –فضيلة الدكتور الشيخ- وإذا لم يكن هناك (د.) يعني أن الشيخ ليس بمكانة أفضل ،وعليه الحصول على هذه ال (د.) طال الزمان أو قصر.

    دمت لنا كاتبًا أميتًا ، ووطنيًا صادقًا،،،،

    المواطن
    فهد الجوفي

  3. يوسف الغانم كتب:

    السلام عليكم
    اسعد الله اوقاتك يابو احمد
    جزا الله الشدائد كل خير عرفت بها صديقي من عدوي
    وانا اقول الحمد لله على نعمة الامطار اللي كشفت المستور وبينت الغذاريب، واللوم .. كل يلوم الاخر الامانة والمالية ….
    لكن الحق يقال عندما نغرق في حي لايوجد فيه تصريف سيول فهذه تنبلع مع غصة ….لكن ان نغرق في حي راق وصرفت عليه المليارات لتصريف السيول …هذي طامة كبرى وفشيلة ما تنتغطى ولا تنترقع
    اما السطحات فلا احد يلومهم هذي ارزاق وموسم مثلهم مثل غيرهم اللي يستغلون الحاجة لهم …شف المستشفيات اللي تفرح بالمرض وكلما كان مستعصي زاد فرحهم
    لو قدرنا الخسائر البشرية والمادية اللي حصلت سنجد ان تكلفتها ستعمل شبكة تصريف متكاملة بدل ان نصرفها تعويضات للمتضررين ….لكن من يعلق الجرس؟؟؟؟

التعليقات مغلقة.