حماية الأخ المتصدع

بعد ظهور وانتشار حمى الوادي المتصدع وتركيز الإعلام على منطقة جازان ونبش أوضاعها، زاد الاهتمام بتلك المنطقة، هذا الحدث ونتائجه جعل سكان مناطق أخرى تشكو من الإهمال يتمنون حمى وادي أو جبل أو حتى منحدر متصدع، لعل مطالبهم واحتياجاتهم تجد آذانا صاغية، ولعل الإعلام والكاميرات تتركز عليهم ولو للحظات فتتقاطر الوفود تجوب حول مواقع سكناهم، ليرى الجميع حقيقة الأمر ويبحثون في الحلول ويتخذون الخطوات، ويعتقد اخواننا اولئك من طالبي.. التصدع، ان الوصول للإعلام وفرد العناوين والصور عن أحوالهم كفيلة بجذب الانتباه وبالتالي البدء في حل المعضلات.. وهكذا سمعنا وقتها شائعات عن متصدع وموشك على التصدع هنا ومتشقق هناك، وحتى لا يبحر اهالي تلك المناطق في بحار الآمال ثم لا يجدون جزيرة يلقون عليها اثقالهم بما فيها رؤوسهم، اقول لهم ان هناك متصدعاً آخر قديماً، شكواه تطفح على صفحات الصحف منذ زمن بعيد، ولم ينفع ذلك في جبر تصدعه بل ان عدم الاستجابة رغم كثرة ما نشر عن سوء حاله واستغلاله جعلت البعض منا يعتقد ان هناك موقفا شخصيا من المستهلك المتصدع ورغبة في الانتقام منه، لانه طوّل لسانه وأكثر من الشكاوى، او انه أخل بوظيفته في السوق وكأنه يطالب بترقية لا يستحقها فهو مجرد باب يفتح بالدفع فقط.
ونحن في القرن الواحد والعشرين قمنا بنسخ كل ما استطعنا من “منجزات” الدول المتقدمة من الشوارع الى ناطحات السحاب الى التكتلات التجارية الضاغطة او الهابشة، فكيف نعجز عن استنساخ ما يقومون به هناك لجبر خاطر المستهلك المتصدع، ولا أقول حمايته، والعياذ بالله فقط اخطأنا لوقت طويل ونحن نطالب بحمايته وكأنه في خطر أو مشرف على هلاك، بينما هو في الحقيقة بين اخوانه واهله فاذا لم يأكلوه من يأكله ياترى؟ والعجيب انه فيما تتزايد في العالم الخارجي المتقدم اصناف الاهتمام بالمستهلك تتقلص لدينا وتستمر الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة التجارة في المداهمات، مداهمة وراء مداهمة، وأصبح موظفو الوزارة يداهمون بدلاً من ان يداوموا؟! وصرنا لا نرى لهم صورا الا وهم في مرحلة دهم، حتى ان صديقي الموظف ابوعبدالرحمن ومن كثرة ما يردد انه جاء من مداهمة وذاهب الى مداهمة صرت اسميه.. ابوداهم!!
ولابد ان عملية المداهمات امر صعب على الوزارة خصوصا في فرز مداهمة عن أخرى فالاخبار تشير دائما عن مداهمة لكن سرية التفاصيل أهم، والخبر يأتي هكذا، الصور للأخوة المداهمين ومعهم “مدهووم” واحد من الوافدين طبعا.. “لأن ما معه سيارة”.. وحولهم مجموعة من الكراتين والعلب، وليس هناك تحديد لاسم منتج أو تاجر أو مؤسسة والسبب فيما يظهر لي في الحفاظ على مستوى عال من السرية هو عدم لفت انتباه اهداف اخرى للدهم… وهذا من الحصافة، وليس سراً أن بعض موظفي الوزارة من المداهمين وممن تعدد نشر صورهم أصبحوا أكثر شهرة من كبار موظفيها، اللهم اجعل حديثي باردا عليهم والا ترقبوا اختفاء تلك الصور أو نقلهم الى وظيفة.. مستهلك.
ما علينا.. ولتخفيف شكاوى الأخ المتصدع وجعل الوزارة تقوم بواجباتها لدي اقتراح مفيد.. لماذا لا تداهم الوزارة المستهلك وتحمي التاجر؟!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.