الرقابة الداخلية بحاجة إلى رقابة

تضمن الأمر الملكي الآتي:
«تتولى هيئة الخبراء في مجلس الوزراء العمل على تطوير أنظمة الرقابة والضبط ووحدات الرقابة الداخلية بما يمكّنها من أداء مهماتها المنوطة بها، ولها الاستعانة بمن تراه من بيوت الخبرة المتخصصة سواء في الداخل أو الخارج».
إدارات الرقابة الداخلية تعاني من ضعف واضح، هذا ليس سراً، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء لديها القدرة لتغيير واقع الضعف هذا، وغيره من فجوات وتداخل صلاحيات. ومن مظاهر الضعف – الرقابي – في الجهاز الحكومي أسلوب التعامل مع الشكاوى، يرفع المتظلم شكوى إلى رأس الجهاز الحكومي فتحال إلى الإدارة نفسها محل الشكوى. كأنه يحال إلى خصمه. ولست أعرف سبباً لهذا الإجراء المتبع. في الجهاز الحكومي تتضامن الإدارات مع بعضها – في الغالب – وتتداخل معها علاقات موظفين، وإذا دُمغت شكوى المواطن بأنها «كيدية» يدخل في متاهة. لدينا نموذج في قضية المواطن عبدالله مجددي – سبق التطرق إليها، يستحق مرتبة الشرف في عدد الاتهامات بالشكاوى الكيدية ومدة الكفاح «17 عاماً» ولا يزال صديقاً لأروقة المحاكم وديوان المظالم.
«الحياة» نشرت قصة أخرى تقدّم نموذجاً لتضرر أصحاب المظالم بسبب ضعف الرقابة الداخلية، تحت عنوان «إحالة رجل أمن للتأديب العسكري ولفت نظر ضابط». روى الزميل أحمد الهلالي قضية المواطن حسن بن يحيى محرزي من جازان، إذ صدرت توجيهات بإعفائه من حكم صدر ضده بالسجن والجلد، وما بين عامي 1423هـ و1428هـ لم تعرض أوراقه على لجان العفو لسبب لم يكشف!؟ وبقي مطلوباً أمنياً على رغم مراجعاته المستمرة لمدنيين وعسكريين في محافظة أبو عريش. بعد كل هذه المدة شكّلت لجنة تقصي حقائق ووصلت إلى ضعف الرقابة الداخلية، وبرر بعض المحقق معهم أنهم التزموا بتوجيهات رؤسائهم الشفهية، ولا يزال الرجل يطالب بالتحقيق في الأسباب ومن يقف وراءها ورد الاعتبار.
بروز قضايا من هذا النوع يمكن أن يحدث تغييراً نوعياً في أسلوب سير المعاملات، إذا ما أصلحت الفجوات وسدت الحفر التي تسقط فيها المعاملات.
«التطنيش» هو أحد الوسائل الوقائية لدى بعض الإدارات. تصل الشكوى فتحفظ ولا يسأل عنها أحد إلا بخطاب جديد لا يسمع له صدى. هنا نموذج طازج يعاني منه الأخ سامي أحمد القرشي من الطائف بعد تعرّض سائقه لاعتداء وسرقة، قدّم شكوى لشرطة الحوية بالطائف من دون نتيجة، قدّم أخرى لمدير شرطة الطائف فأرسل الأخير خطاباً لشرطة الحوية فمكث في الوارد فترة من الزمن لا يجد «متبرعاً» يتسلّمه!؟ تقدم لحقوق الإنسان فكتبت خطاباً ليضيع في المتاهة نفسها. أخيراً قدّم شكوى لمدير الأمن العام فأحيل لشرطة الطائف وهكذا، يقول الرجل إن له سنة ونصف السنة على هذه الحال… هنا فتش عن أحوال الرقابة الداخلية في الشرطة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على الرقابة الداخلية بحاجة إلى رقابة

  1. أبو بسام كتب:

    أؤيد تماما ما ذكرت بدون استثناء كا عدا نقطة واحدة ، كيف تريد للضبَّاط أو الأفراد أن يخلصوا في أعمالهم و هم يشاهدون الدولة نفسها تحط من قدرهم باستمرار بين الشعب و على رؤوس الأشهاد في الصفحات الأولى بسبب أعمال يقترفها قلة منهم ( مثل من يحاول التدخين أو استخدام الجوال على متن الطائرات ضارباً بالتعليمات الأمنية عرض الحائط ) ، لقد أصبح اليونيفورم العسكري رداء ذل ويدل على انسان مقيد و ليس رجل أمن رَهَن روحه لله ثم للمليك و الوطن ، و لا ننسى كذلك المميزات المالية التي تُسلب منهم مثل الزيادة الملكية للمبتعثين و بإمكانك أن تسأل أي من الملحقين العسكريين عن ذلك ، و كذلك حرمانهم من بدل السكن المقرر لهم بنظام الدولة و الحجة في ذلك أنه يوجد سكن مُفَّر لهم ، مع أن أي احصائية ستثبت لك أن قائمة الانتظار للسكن طويلة بعدد السنين هذا بدون حساب أهل الواسطات.

    المواطن و العسكري خصوصاً اكتفى ف… ( غَطّْوه و صوَّتوا).

  2. أبو بسام كتب:

    غَطُّوه

  3. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    مخافة الله ثم الاخلاص ياسيد الناس يابو احمد اصبحت معدومة من بعض البطانة الخاصة
    لبعض المسؤلين والذين بيدهم الحل والربط .. والمصيبة والطامة الكبرى انها وصلت
    الكارثة لبعض الجهات الرقابية والتي يفترض ان تكون هي من يحارب الرشوة والفساد
    والمحسوبية وشراء الذمم.. الوضع الكارثي ان كنت ترغب يابو احمد في تلخيصه يتمحور
    حول شعور بعدم الثقة للاسف الشديد .. النماذج التي ذكرتها لبعض من اخواني المواطنين
    هناك المئات مثلها .. فقط مسؤل يقراء بنفسه ولايعتمد على موظفي العلاقات العامة
    الذين لاهم لهم الا تدبيج المقالات الفخمة التي تتضمن تلميعا ومديحا وطنطنة فاضية
    يارجل البعض من الكتاب صار مديحهم لبعض المسؤلين اشبة بالتريقة عليهم والاستهزاء
    حتى وصل بااحدهم يمتدح مسؤل مؤسسة طوافة ويقول عنه اذا جاء ذكر الوطن تراه
    في اول الصفوف وشكرا يابو احمد.

التعليقات مغلقة.