لعل من أعاجيبنا أن كثيراً من الأفكار تنشأ محلياً لتطبق في الخارج، وسيتم تصدير منتجاتها لاحقاً للداخل، يمكن لي القول إنها من خصوصيتنا، صحف ومطبوعات كثيرة، محطات تلفزيونية، بنوك إسلامية، جامعات أهلية، مصانع، كتب الخ، لك أن تعد في كل المجالات، كلها تشيد في الخارج، كان هذا الخارج بعيداً جداً ثم أصبح يقترب ببطء.
صحيح إنها أفكار ومشاريع للقطاع الخاص مما قد يعني أن وراء خروجها قراراً خاصاً وغير رسمي، وهذا كلام غير دقيق، هو القطاع الخاص أو من يراهن عليه الآن، مع هذا الرهان وليتحقق النجاح، لم لا يتم تغيير ذلك التوجه القديم؟ تجاوز الحذر المبالغ فيه والذي يجعل أي فكرة جديدة علينا تُرفض أو لا يُرحب بها ويتم تجميدها، لتفر هي وأصحابها إلى رحم خارجي، مع ما في ذلك من خسائر على الاقتصاد الوطني، وفرص مهدرة لتوفير وظائف للعاطلين، ونحتاج إلى عقود ومتغيرات عديدة لإعادة النظر في مثل هذه التوجهات.
نعم لهذه البلاد شروطها للاستثمار، لكن ليس كلما نشأت فكرة هنا ولم تستوعب في وقتها ونجحت أو أخفقت في الخارج لا تنطبق عليها هذه الشروط، مادام هناك احتياج داخلي لمنتجات أية فكرة أو مشروع، فلماذا لا نبادر في احتضانها داخلياً، ونحن الذين نسعى بكل ما أوتينا من نشاط لجذب الاستثمارات الخارجية! ونوفر لها كل ما تحتاجه، في حين تحتضن أرحام مستأجرة كثيراً من المشروعات سعودية رأس المال التي كان من المفروض ان تكون هنا بيننا، إنها من أعاجيبنا، خذ مثلاً آخر من أعاجيبنا، في الهيئات والمؤسسات العربية والإسلامية والدولية التي نشارك في دعمها بل بعضها تتواجد مراكزه الرئيسة في بلادنا ونحن آخر من يستفيد منها على كل المستويات! توجه أو هو طريق قديم ذو اتجاه واحد يجب إعادة هندسته ليتوافق مع المتغيرات والحاجات الملحة، ولأن الشيء بالشيء يذكر بل ان الأعاجيب تذكر بالأعاجيب فإننا نرى صوراً صحفية مبتسمة لبعض من مواطنينا من رجال الأعمال الميسورين، وهم يُشكرون “بضم الياء” أو يوقعون اتفاقيات على تبرعات “جزلة” في الخارج لجامعات ومراكز في حين لا نرى ولا نسمع عن تبرعات لهم تستحق الذكر في الداخل لا لزيادة عدد مقاعد جامعاتنا المتخمة، ولا لإنشاء مراكز تعليم مجانية أو ميسرة التكاليف، ولا لصندوق الفقر، ولا لفقير..، فهل هذه الأعجوبة الأخيرة من تلك الأعاجيب!؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط