نبدأ من حيث تورط الآخرون!، هذه حقيقة شواهدها أمامنا، نرى الأرجنتين ومعها تجارب عشرات الدول التي سقطت و”تكرفست” في حفرة البنك الدولي وشقيقه الصندوق الدولي، ومع ذلك نذهب بأرجلنا لنفس الحفرة، وكأن معنا معدات تسلق خاصة، نرى الصعوبات التي تواجهها مصر اقتصاديا واضطرارها لتخفيض عملتها ورغم ذلك نؤمن بطروحات البنك والصندوق إلى درجة يصبح فيها البنك مسؤولاً حتى عن تخصيص الصوامع!!، وغيرها، مستشارو البنك والصندوق الدوليين في كل مكان، يختفون وراء مكاتب بعض الوزراء وكبار المسؤولين عن الشأن الاقتصادي ، ويُعتمد اليوم على طروحاتهم “السامة” لإصلاح الاقتصاد، وهذا الوصف ليس من عندي فقد طرحه(جورج مونبيت ) في صحيفة الجارديان ونشرت جريدة الاقتصادية ترجمة له، وهو يسميه الدواء المميت او القاتل.
صورة من صور تسليم المفتاح التي اعتدنا عليها ، دع الخطة لنا واستمتع بالرحلة أو التصاريح الإعلامية، لكنها أية رحلة تلك، وإلى أين تتجه؟، أي نفق مظلم ستدخلنا فيه، وما الذي يميزنا عن عشرات الدول التي عانت من هاتين الهيئتين ووصفاتهما، هل ستحمينا خصوصيتنا يا ترى من الانزلاق في وحل اقتصادي غرقت فيه دول عديدة؟، دول استنجدت بطوق النجاة من البنك وشقيقة الصندوق فدخلت في متاهة وكبل اقتصادها وتخلخلت اجتماعيا وسياسيا، فقدت الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولم ينجُ منها إلا من أغلق الباب في وجه البنك والصندوق الدوليين، ولكن بعد دفع ثمن باهظ ،ولا نكتفي ..،بل نصر على إغماض أعيننا عن تجارب ناجحة لدول رفضت استشارات البنك والصندوق وشروطهما وقفزت وتقدمت وازدهر ت رغم مرورها بكوارث اقتصادية، بل تنوعت وتوسعت قاعدتها الاقتصادية التي دائما ما نحكي عن تنويعها لدينا، خذ ماليزيا مثلا ناجحا، خذ الصين مثلا ناجحا أخر، خذ روسيا مثالاً صارخا على حفرة البنك والصندوق العميقة المظلمة، لماذا نبدأ من حيث تورط الآخرون، و ما الذي يجعلنا نعتقد أنه لن يصيبنا ما أصاب تلك الدول، الأرجنتين أعلنت مؤخرا عدم قدرتها على تسديد ديونها وطالبت بجدولتها، يعني أنها أفلست، ومع ذلك نسلك نفس الطريق الخطر ، رغم كثرة لوحات التنبيه عن الأخطار، طريق منزلق،احذر صخور متساقطة، كأن لدينا حصانة خاصة، مناعة من نوع نادر، نرى كل مظاهر السخط الشعبي العالمي والنقد اللاذع لسياسات البنك والصندوق،ونصر على احتضانهما، ليدخلا، ليحلا ويربطا في اقتصادنا، يخصصان ويهيكلان. هل السبب أن المستشار خواجة، أو يشبه الخواجه لأن شبيه الخواجة في حكمه، وهذا من أحكامنا البيروقراطية نراها عيانا بيانا في التوظيف، “ياخبير خلصنا من هاللي صار”.
البنك الدولي يوفر استشارات و شهادات حسن السيرة والسلوك الاقتصادي، من وجهة نظره، التي عند تقديمها تتمكن الدول…الفقيرة و المحتاجة من الحصول على تمويل، بعد أن يضع البنك مع الصندوق الدولي شروطهما، لا تسألني عن ثمن هذا التمويل؟، ولا من أين سيأتي؟، المعنى الذي أريد الوصول إليه أننا لسنا دولة فقيرة.
فهل أصبحنا دولة فقيرة يا ترى؟.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط