حفرة البنك الدولي وشقيقه ترحب بكم ( 2من 2)

بالتأكيد المملكة ليست دولة فقيرة، إجابة على سؤال يوم أمس، لسنا فقراء لا في المال ولا في الرجال، لاننسى أن المملكة من الدول المانحة!، ولديها أكبر مخزون نفطي، لكن بلادنا تعاني من مصاعب في الإدارة والتمويل، وتعاني من بطء في اتخاذ القرارات، وآخر مثله في تنفيذها وإشكاليات متعددة في آليات التنفيذ، لكن كل هذه المصاعب يمكن التغلب عليها بدون الاعتماد على الوصفات الجاهزة والمميتة للبنك والصندوق الدوليين، والتمويل وأساليب الخصخصة متوفرة بطرق عديدة الثمن المدفوع لها أقل خطورة مما سيزرعه البنك والصندوق في اقتصادنا، والاستئناس بطروحات البنك الدولي والصندوق الدولي أو تجاربهما أمر مفيد لكن الخطر من قبول الوصفات الجاهزة على علاتها، إن ذلك مثل حشر الجسد في ثوب على غير المقاس لأنه تمت خياطته بأصابع خياط أجنبي لا يعرف مقاسات هذا الجسد، بل لبسه أكثر من جسد وعانى منه، قد يخنقه أو يسبب له إعاقة دائمة، ومن معرفة بواقع الحال فإن الخبير لدينا خصوصا إذا كان بعيون خضر أو زرق يعطى قيمة كبيرة ويسلم الخيط والمخيط، ولاتنزل استشارته الأرض، بل إنه يصبح حلال المشاكل وصاحب اللمسة السحرية لبعض المسؤولين، وحتى لو لم تكن عيون الخبير زرقاء ولكنه يقدم نفسه باسم البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي فهو يحصل على نفس المستوى من الإصغاء، ومن مشاكلنا أننا نحب التصوير، النسخ، حتى في الدراسات، وما أكثر الدراسات والخطط لدى البنك والصندوق، التي يمكن نسخها على ورق رسمي لهذه الوزارة او تلك الهيئة، لتظهر مثل ابن شرعي لها، ويظهر أن مقولة العرب لايقرأون صحيحة للأسف فيما عدا قراءة الروايات وكتب السير الذاتية المتعرية، وهي تنطبق علينا نحن السعوديين للأسف، لماذا أقول ذلك؟، لأن أحد كبار الاقتصاديين في البنك الدولي نشر كتاباً عن سلبيات العولمة العام الماضي، وعن البنك الدولي وصندوق النقد، يقول جوزيف ستيجليتز، إن هاتين الهيئتين ظلتا أسيرتين للإرادة الجماعية للدول الصناعية الكبرى، وتنفذان ما يتفق مع مصالح هذه الدول . والكتاب الذي لم يترجم لدينا للأسف حافل بالمعلومات المهمة لنا في هذه المرحلة. أقترح ترجمته ولا أعرف لمن أقدم الاقتراح!؟.
إن المتتبع لأحوال دول أمريكا اللاتينية يعلم علم اليقين أنها كانت ولاتزال أكبر محطة لتجارب، يسمونها نصائح، البنك الدولي وصندوق النقد، وأنهما كانا أداة سياسية بثياب مالية اقتصادية، أي المشورة وتوفير القروض وضبط الاستقرار النقدي الخ..، والأعمى يرى أوضاع تلك الدول من كافة النواحي، والأصم سمع صراخ المتظاهرين في الأرجنتين وفي كل مكان يحل فيه اجتماع للبنك والصندوق.
والذين يفكرون ويعملون ويجتمعون الآن لإصلاح الاقتصاد والخصخصة وتوفير تمويل لمشاريع المملكة من الخارج أو بوساطات خارجية مكلفة، عليهم أن يتذكروا أن هناك أموالاً سعودية في الخارج لا تقل عن سبعمائة مليار دولار في حالة تيه خارجي، وفروا لها الفرص والضمانات والشفافية الحقيقية وليس المصطنعة، وستعود إلى الاقتصاد الوطني، ثم إن المتابع لسوق العقار والأسهم يرى أن هناك سيولة ضخمة تغطي كل ما يطرح بسرعة البرق، هي أموال تبحث عن منافذ استثمارية، إذاً ابحثوا عن المعوقات وأزيلوها، بدلا من الوقوع في حفر تجارب سقطت فيها دول أخرى، وتكبلت بديون خارجية وأعباؤها معلومة على البلاد والعباد، يكفي أن تنظروا وتقارنوا بين ماليزيا والأرجنتين.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.