شفافية أم تشفيه!

من الواجب على الجهات الرقابية في بلادنا أن تحقق فيما حصل يوم الاثنين الماضي في سوق الأسهم، لقد تم إيقاف تداول سهم شركة الكهرباء من دون إحم ولا دستور، هكذا ، وأصبح السوق مناخا خصبا للشائعات، بين متفائل ومتشائم، وجلس المتداولون في ظلام دامس ، ثم أعلن على شاشة الأسهم أن لدى شركة الكهرباء إعلاناً ستبثه ومن ثم يعاد التداول، ولم يحدد ماهية هذا الإعلان؟، فهل هذا هو فهم ساما للشفافية؟،
والإعلان الذي ظهر قال “إنه تم إيقاف التداول..الخ”، خبر قديم للمتداولين فهو بظهوره بهذا الشكل المتأخر والمحتوى الفارغ يؤكد أن من يدير الشاشة بعيد عنها،بل إن الخبر وصل للصحف وتداوله الصحفيون بعد ظهر يوم الاثنين ولم يبث في تداول بعد ساعات من وصوله للصحافة!؟.
كثرة حركات من هذا النوع وعلى أسهم شركات قيادية في السوق تستدعي سرعة التحقيق وإعلان نتائج هذا التحقيق وتشير مثل هذه الممارسات إلى خلل كبير في هذا السوق المهم،
حسنا من أين يستمد هذا السوق أهميته في هذه المرحلة؟
يستمدها كما يعلم الكثير من اتجاه الدولة إلى التخصيص، والذي يوصف ويقدم حاليا على أنه الحل الناجع والوحيد لكل مشاكلنا الاقتصادية!، إذا كان لدينا سوق أسهم “بهلواني” بهذا الشكل فهل سينجح التخصيص؟، إن ما حدث يوم الاثنين وما حدث قبله على فترات مختلفة يضعف الثقة في الاستثمار، لنترك تضرر صغار المساهمين والمتداولين “على جنب” ، فمن سيهتم بالصغار!؟، لكنه يفقد الثقة ويعلن أن سوق الأسهم غير صحي ننصحك بالامتناع عنه.
باستمرار هذا الوضع لن تنجح خطط التخصيص وسيتم لإنجاحها العمل بأسلوب تخصيص شركة الاتصالات، والدعاء الحار للتسهيلات البنكية..للكبار!.
أطرف ما في موقع تداول الرسمي التابع لساما هو هذه الجملة التي تتصدره “مرحبا بكم في موقع تداول. وهو الموقع الرسمي لسوق الأسهم السعودي. وهو المصدر الوحيد لمعلومات السوق، ومعلومات الشركات، والمعلومات الأخرى الخاصة بسوق الأسهم السعودي والشركات المدرجة فيه”. لاتنظر إلى ركاكة الأسلوب انظر إلى أن المصدر الوحيد لمعلومات السوق ليس لديه أية معلومة إلا بعد أن “تمص عصاصها”،حينئذ تبث على الهواء، كان الأولى بإدارة السوق أن تعلن عند إغلاق الأحد عن ماذا ستقدم عليه شركة الكهرباء وتخبر الناس بإيقاف التداول، ليوم الغد، ويبقى الإعلان على الموقع الرسمي طول الفترة، والذي تابع البيع والشراء على سهم الكهرباء طوال الفترة الماضية يستطيع توقع تسرب خبر “رسملة المبالغ المتبقاة في ميزانية شركة الكهرباء”، لصالح المساهمين، وبدلا من أن تكون هذه المبالغ احتياطا لشركة تبحث باستماتة عن التمويل لمشاريعها الضخمة و الملحة ذهبت هكذا،”الله يرزقنا و ياهم ..آمين”، الغريب أن الشركة نفت هذا الخبر قبل اشهر!؟، و”تكرفس” أناس كثر بسبب ذاك النفي.
نعود إلى سوق الأسهم التي ستتحول قريبا إلى بورصة ،لنطرح سؤالا بريئا يقول هل ستحمل هذا البورصة نفس الأمراض المصاب بها سوق الأسهم؟، دعونا نتفاءل ونتمنى أن تكون بورصة جديدة شكلا ومضمونا، هذا إذا أردنا تحسين المناخ الاستثماري، وجذب مزيد من الأموال المهاجرة، ومثلما بدأت هذا المقال بطلب التحقيق فيما حصل حفاظا على الثقة في السوق التي تضررت، أطرح سؤالا على المجلس الأعلى للاقتصاد، عن الفائدة التي جنتها الدولة على المدى المتوسط والطويل من هذه الرسملة، لتعم الفائدة؟.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.