لوم الصحافة

مثلما يقال للصحافيين إن عليهم استقاء المعلومة الصحيحة من مصدرها قبل نشر الخبر، يتردد هذا القول أيضاً للكتاب عندما يكتب أحدهم رأياً في قضية فيها معلومات، أرقام او أحداث… صور. على افتراض موضوعي ان المعلومة الصحيحة لدى الجهة الرسمية ولن تبخل بها أو تزخرفها. سأتحدث هنا عن الكاتب.
يجب التنويه ان الكاتب يعتمد إما على معلومات منشورة في وسيلة إعلامية متاحة للجميع اكتسبت صدقية معقولة، أو على معلومات خاصة وصلت اليه أو توصل اليها من طرق شتى. في الحالة الاولى تتحمل الجهة المعنية المسؤولية في عدم تصحيح ما نشر في الوقت المناسب، في الحالة الثانية يتحمل الكاتب تبنيه معلومات كتب على أساسها رأياً.
نظرياً، من السهل القول إن على الكاتب الرجوع الى الجهة المعنية للتأكد، أما عملياً فالمسألة تنقلب إلى معاملة تتحول الى ملف يتضخم. تسير الصحافة بسرعة كبيرة مقارنة ببطء تحرك جهات. ربما لا يعلم بعض الاعزاء المعاتبين عن كثير من القضايا والحوارات وحتى الاخبار والآراء التي لم تنشر لأنها تحولت الى معاملة. كرة ساخنة يتقاذفها مسؤولون في الجهة فلا أحد يريد تحمل مسؤولية الموافقة على الرد أو التزويد بمعلومات دقيقة تنفي أو تؤكد.
أعتقد بأن نسبة القضايا التي تدخل في الدائرة السابقة – عدم التأكد وتبني رأي على غير أساس معلوماتي دقيق، هي نسبة ضئيلة، لكن أنظر الى ما ينشر عن أمور صحيحة وردود الفعل عليها من جهات معنية، ستجد الصمت هو السيد المسيطر. ان أسهل ما على الجهة المعنية هو الصمت فمن سيسألها؟ هي تعتمد على «غدد» النسيان، تتوالد قضايا أخرى تجعل ما سبقها في حكم «الموديل» القديم على رغم أهميتها، لتنشغل الصحافة وكتابها بالجديد.
هناك تجربة ناجحة ماثلة أمامنا في التعامل الأمني – الإعلامي – مع قضايا الارهاب، لماذا لم يعد إعلام الإرهاب قادراً على نشر اي إشاعة يا ترى؟ على رغم استخدامه الانترنت ووسائل أخرى مع توافر متعاطفين، يمكن لك معرفة سبب ذلك بتأمل تجربة اللواء منصور التركي في وزارة الداخلية.
ليس في هذا محاولة للدفاع عن الصحافة لأنني أعلم عن أشكال وأنواع الشقوق التي تعاني منها بخاصة في اختيار المناسب كفاءة وموهبة… من الدقة في النقل الى القدرة على الغوص لطرح الأسئلة الصحيحة والإخلاص لأمانة المهنة.
لكن هذه محاولة التشخيص جانب من الواقع الاعلامي وأسباب ما قد يعتبر عدم دقة أو جودة تحر. ثم لماذا نذهب بعيداً، هل قامت كل الجهات باستحداث وظيفة المتحدث الرسمي التي قُررت من أعلى سلطة؟ وإذا فعلت ذلك هل يؤدي المتحدث وظيفته كما يجب بروح الاعلامي؟ أم هو مدير العلاقات العامة بثياب المتحدث الرسمي؟ للأسف معظم إدارات العلاقات العامة و… «الإعلام» في جهات حكومية بخاصة، هي إدارات تغليف وحراسة مرمى.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.