“مــادريتـــا”؟

لم أصدق وأنا أقرأ خبراً بالبنط العريض في جريدة “الاقتصادية” يقول “ديوان المظالم يبرئ رئيس شركة مساهمة من التلاعب”، عدم التصديق ليس بسبب حكم البراءة بل للأساس الذي اعتمد عليه الحكم، لن تصدق معي عزيزي القارئ . ملخص القصة أن وزارة التجارة والصناعة حققت مع رئيس الشركة وتمت ادانته، هكذا يقول الخبر، والتهمة مضاربته وتدويره أسهم الشركة المساهمة التي يرأسها بغية رفع السعر، رفعت وزارة التجارة القضية إلى ديوان المظالم، مطالبة بعقوبته بحكم رادع، لكن ديوان المظالم رفض الدعوى،
لماذا،
لأن رئيس الشركة المتهم لم يثبت علمه باللوائح والأنظمة الواردة إليه من الوزارة!
لك أن تضحك مع الشركات المساهمة أو ديوان المظالم إذا أحببت يمكن مع وزارة التجارة، في كل الأحوال الضحك سيتم على المساهمين وعلى الاقتصاد والثقة فيه، نحن نضحك على أنفسنا، وقد يكون لدى ديوان المظالم أسس لقرار الرفض مثل ان خطاب التعليمات لم يصل ولا يوجد ما يثبت وصوله، “غرز في درج ما”، والديوان جهة محايدة تحكم على ما يقدم لها من إثباتات وليس لها علاقة بوزارة أهملت واجباتها.
لكن المثل الشعبي الشهير يقول “الله بالعين ما شفناه لكن بالعقل عرفناه”، سبحان الله وهل تحتاج مثل هذه الممارسات إلى تعليمات، انها من البدهيات، لكن واقعنا المر أسس لتصرفات غير نظامية لتكون هي السائدة وما خالفها هو الاستثناء إلا إذا وصلت التعليمات، أما إذا قلت إنك “مادريتا”، فهو خلاصك من التهمة، المعنى… أن القانون لدينا يحمي الذين لا يعلمون!، تصور لو طبق هذا على أمور أخرى، خاصة وأن “مادريتا” هي مشجب متعدد الخطاطيف نضع عليه كل ما يحرجنا، ونحتمي به من كل لوم.
لا أعرف الرجل ولا الشركة فقد احتفظت الجريدة بالأسماء، وله مني التهنئة على خروجه من هذه الورطة، ومن الصدف الجميلة نشر هذا الخبر قبل أيام من إقامة ندوة بالقصيم عن “الإفصاح والشفافية ودعمهما في الرقابة والمساءلة في الشركات المساهمة”، يظهر أنها حملة للتوعية أو التعريف بشيء جديد علينا!!، لأن الوضع مخالف، والدليل مادرينا، في الحقيقة نحن نمارس الضحك على أنفسنا، ان الشفافية هي من القيم والأخلاق الأصيلة انها الأمانة يا سادة..، الشفافية هي أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك، وأخوك هذا ليس ابن أمك وأبيك فقط، بل هو المعنى الواسع للأخوة، الشفافية تعني عدم احتكار المعلومات لفئة صغيرة واستغلالها لإثراء القلة على حساب الكثرة، الشفافية هي ألا تغش، سواء في لعبة بلوت أو لعبة شركات مساهمة، وهل هو سر أن “بعض” أعضاء مجالس الشركات المساهمة، هم أول من يعلم بالمعلومات ويحتكرها ويسخرها لمصالحه، ويضاربون بالمشاعيب، هذا ليس سراً، الآن لديهم ترس يحتمون به، كلهم سيقولون “مادرينا”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.