«ابشروا بالقواطي»

طرائف وزارة الصحة السعودية لا تنتهي كأن استراتيجيتها قائمة على «المناقضة»، أقصد المشاركة مع من تتعارض أهدافهم ومصالحهم مع أهدافها المعلنة. من دون إطالة، آخر طرائف الصحة، تثقيف الأمهات في أهمية الرضاعة الطبيعية أوكلت رعايته إلى شركات حليب الأطفال الاصطناعي. فكرة عظيمة فيها من الأسلوب الشرقي للدفاع عن النفس: كيف تستخدم قوة الخصم «لصالحك»؟ لا يستغرب هذا من الصحة عندما فشلت في تقديم الخدمات، دفعت الناس دفعاً للقطاع الطبي الخاص، فأصبح المريض تحت رحمة تجارة الطب، ثم ظهرت أسباب الدفع الاستراتيجي بشروط شراكة الطبيب في المنشأة الطبية والصيدلي في الصيدلية، صار الطبيب والصيدلي يتخرجان ليتخصصا في فتح السجلات التجارية.
إيكال التوعية للمسوّقين من مضحكات العصر، والتوعية «بزنس» كبير، وهو أفضل المداخل للتأثير والسيطرة، وللصحة سابقة في الترويج لأكل لحوم الدجاج، ومن نسي نذكره.
لا أتخيل أبرع الساخرين يستطيع تخيل ما حدث، سيقال إنه يبالغ ويضخم الأمور، لكنه أمر حدث – في النهار – وباتفاقيات ويتم تبريره، أما من يبرر ويدافع بحسب صحيفة «الوطن» فهو نائب مدير الشؤون الصحية في مكة مع الناطق الرسمي فيها، الأخير قال إنه «ثبت عدم جدوى – البرنامج – ولن يتكرر». هل تحتاج مثل هذه النتيجة إلى تجربة!؟
مستشارة برنامج الرضاعة الطبيعية الاستشارية زينب أبو رزيزة، وقفت ضد هذا التوجّه الخاطئ، وبيّنت أنه يخالف أنظمة الوزارة بل مرسوماً ملكياً ينظم «استخدام بدائل حليب الأم». النتيجة بحسب الدكتورة زينب «مدير مركز التدريب والتعليم – بالصحة – قام بالاتفاق مع مدير شؤون المراكز الصحية بإلغاء جميع أنشطتنا ودوراتنا للرضاعة الطبيعية لبقية السنة إرضاء لهذه الشركات».
لنبتعد بالكاميرا قليلاً بحثاً عن صورة أشمل، صورة توضح علاقة القطاع الحكومي بجهات تسويق القطاع الخاص، الإمكانات والأهداف. تسيطر الجهات الحكومية على مجتمعات بشرية في مواقع العمل، مستشفيات، مدارس مكاتب. وتعتبر هذه المجتمعات الصغيرة صيداً ثميناً للمسوّقين يقطر له اللعاب، مجموعات محكومة بدوام، جاهزة لغسل الأدمغة، من بيع الأجهزة إلى تغيير القناعات والتأثير. عندما يسمح المسؤول الحكومي لهؤلاء المسوّقين والمسوّقات بالنفاذ والتأثير من أبواب يمتلك مفاتيحها فهو يخطئ في حق مسؤوليه وأمانته، وإذا كان الأمر بحجم ما حصل في تمكين الرضاعة الاصطناعية من إدارة شؤون الرضاعة الطبيعية وشرح أهميتها! فـ «وش نقول» – أو «كم نقول»، لا بد أن نقول لوزير الصحة ماذا ستفعل؟
القطاع الصحي الحكومي نخر بالمسوقين تحت يافطة الحملات التوعوية، من المطهرات إلى معاجين الأسنان، أصبح شعار وزارة الصحة متاحاً للاستخدام التجاري بطريقة بسيطة من التحايل المسموح به أو المشجع عليه من قبلها، فهل وزارة الصحة بحاجة مادية أم أن هناك خوافي لا نعلمها؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

7 تعليقات على «ابشروا بالقواطي»

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    حلمت يابو احمد خير اللهم اجعله خير .. ان الاخطبوط بول جاء في زيارة
    استشارية لوزارة الصحة الاخوان الله يهديهم شافوا شئ متشربك رجوله
    كثير ولاسألوه دخلوه غرفة العمليات وعملوا له عملية فصل للرجول
    الزائدة واصبح اخطبوطا معاقا . والحمد لله .
    وشكرا

  2. ابو عروب كتب:

    السلام عليكم ورحمه الله

    اتوقع وزارة الصحه لها تخطيط بخصوص القواطي

    وراح تسثمرها

    الله يعدلها

    يعطيك العافيه يابو احمد

  3. مراقب صحي كتب:

    لا فض فوك وسلمت يداك وضعت النقاط على الحروف

  4. مراقب صحي كتب:

    اشكرك بعنف على هذا النقد البناء

  5. مراقب صحي كتب:

    الا خ ابو احمد ارجو ان يتطرق نقدك لموضوع رش االمبيدات والمكافحه فالمشكله
    ان وزارة الصحه ترش من جهه ووزارة البلديه من جهه ووزاره الزراعه من جهه اخرى جهود مهدره واموال طائله
    وضياع لتنظيم فرش المبيدات بشكل عشوائي وبدون قياس لفاعلية المبيد للقضاء على الافه الحشريه قديكسبها مناعه وتصبح في ازدياد
    قبل حوالي خمس سنوات اوصت لجنه من الاكاديميين في جامعة الملك سعود بجمع هذه الجهود وتنسيقها وتنظيمها تحت هيئه مستقله هي هيئة مكافحة نواقل المرض وتكون فيها امكانات عاليه من خبراء ومختبرات
    ولم يتم شي من ذالك فهل مشاريع المكافحه وجبه دسمه لايمكن التفريط فيها بهذه السهوله اما ان الا ثار السلبيه لذلك الرش العشوائي لا يظهر على صحة المواطنين الا بعد وقت طويل ولا ينتبه الناس لذالك الخطر الا وقد طارت الطيور بارزاقها

  6. جلال بن عبدالله القيصوم كتب:

    اثقلت عليها يا ابو احمد
    خف الدوس تراك متعبنهم
    بصراحة مقال في قمة الروعة اجل المعجون المضروب والاصلي عليه شعار الوزارة قمة المسخرة

  7. فراس عالم كتب:

    بصراحة وزارة الصحة بلا استراتيجة أصلا…و إداراتها و مدراؤها يتبعون مبدأ (كل مين ايدو إلو) و كل واحد يصلح سيارته . حتى لا يعلم من في المكتب الأيمن ما يفعل من في المكتب الأيسر و ما دمت تستطيع ان تفعل شيئاً يلفت الإعلام و يحقق أكبر قدر من البورباجندا فأنت مسئول كفء و واعد و انتظر المزيد من الترقيات..(.أهم شي لا تغثنا و تطلب فلوس ترا المالية خانقتنا)

التعليقات مغلقة.