إسراف… ومقاطعة

العين تأكل أيضاً… تجوع وتشبع، يمكن القول إن العين تأكل قبل الفم أحياناً، لذلك تحسّ بالتخمة عندما تقع عيناك على موائد طعام زائدة عن الحد المعقول، والأخير يقع في دائرة النسبية، لكل فرد درجة «المعقولية» الخاصة به. لا أنسى قصة يرددها صديقي «أبو محمد»، إذ تجمعه علاقة تجارية برجل أعمال يسكن مدينة أخرى سافر إليها أبو محمد مع قريب له، وعلم رجل الأعمال فدعاهما إلى الغداء، حضر الضيفان ليجدا الداعي وأبناءه الثلاثة في الانتظار، وبعد «القهاوي» قدمت السفرة صحن رز ودجاجة واحدة، الطريف أن رجل الأعمال يمتلك مشروعاً للدجاج اللاحم! قلت يظهر أنه «يقدر الدجاج». كسر الداعي العرف الاجتماعي مرتين، تقديم «رأس» واحد… ومن الدجاج أيضاً…! لجمع من الرجال. ولن يخفف من هذا «الشرط» الاجتماعي وجود صحون أخرى من السلطات والإدامات، فإذا أقبل الناس على وجبة يرونها قليلة في الكم يصاب الواحد منهم بانسداد النفس «الأكولة»، ويظهر لي أن الجوع – هنا – أقرب إلى جوع عيون منه إلى جوع بطون، مع مسألة فيها نظر، إذ يراها البعض من عدم التقدير الشخصي. الأخير ارتبط برؤوس الخرفان وأحياناً عند وجبة العشاء بالتيوس، والحمد لله أنه لم يرتبط بالبعارين وإلا لانقرضت المزاين.
ومجتمعنا مفتون باللحم، خصوصاً الأحمر منه، أما الدجاج فيكون غالباً «وجبة غير رسمية»، في تقديمه شيء من «الميانة». هذا هو الواقع، وبين الشح والإسراف مسافات، كما بين الشح والترشيد مسافات، لكن الأول لا يظهر في إعلام الإنترنت مثلما تظهر صور موائد فيها مبالغات لا يمكن تبريرها، بل هي تدفع الى الخوف والحذر من سخط المنعم عز وجل. قارن متصفحو إنترنت بين «عزومة» عربية و «عزومة» أوباما مع ضيفه رئيس الوزراء الروسي في مطعم للوجبات السريعة، وفي المقارنة رأي واضح ضد الإسراف.
ونحن مقبلون على شهر كريم، شهر رمضان المبارك، بدأت الأسواق في طرح المعروضات، مع ارتفاع أسعار وازدياد عدد الفقراء، كلما ارتفعت الأسعار مع ثبات الدخل يعني هذا زيادة في عدد المحتاجين، حتى لو قال وزير الشؤون الاجتماعية «لم نفشل في مواجهة الفقر»! فهو لم يحدد الزمن اللازم لإعلان – عدم الفشل – بالأرقام المحايدة، لكنه كلام مرسل، وليس على الكلام جمرك، وإلا أين النجاح في مواجهة الفقر؟ أرجو ألا يقال في برنامج الامتياز التجاري!؟
إذا تضافرت الجهود وتوحّدت الرؤية والسلوك الاستهلاكي يمكن أن نخفف على الفقراء، بعدم الإسراف. لندع الأكياس الكبيرة والكراتين في مخازنها ونأخذ قدر الحاجة، من هنا أشيد بدعوة منتدى «مقاطعة»
http://www.mqataa.com/vb/showthread.php?t=26959
لحملة ضد الإسراف، للعام الثالث، وفيه نصائح مهمة للمستهلكين، والأمل أن يتطور الوعي الاستهلاكي إلى الأفضل فلا نقع ضحية لتسونامي الإعلانات و«أساطير» التخفيضات.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على إسراف… ومقاطعة

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    وزير الشؤون الاجتماعية وزير الصحة وزير الوزير المهم وزير لازم يابو احمد يقول لم نفشل
    وهذا اذا قال نجحنا وبامتياز لكن خليه يخرج من الوزارة ويقعد في بيتهم جنب العامود
    المتين راح تخرج الاباهير كلها .. ولم نفشل في مواجهة الفقر يأخذ لفة بسيطة الساعه
    اثنين الظهر وخليه يعبي اكياس نايلون فيها تراب ويوزعها ويشوف العالم اللي ماادري من فين
    تطلع يحسبوه رز .. يابو احمد مستويات الفقر وصلت لمرحلة قياسية واقسم بالله العلي
    العظيم ومن الان بدأت العوائل المتعففة تطلب وجبات افطار صائم يعني سجلوا اسماءنا
    ولاتنسونا واحنا نجي لحد باب البيت كل يوم نأخذ نصيبنا وهذا الشيخ يقول لم نفشل
    ومادام انها كبرت لهذا الحد راح تصغر .
    اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يوفق كل واحد منا ان لاينسى جيرانه اللي في
    الحي والمتعففين منهم في رمضان ترى الاوضاع المعيشية والله يابو احمد تدمي
    القلب . وشكرا

  2. أحمد الحزرج كتب:

    فعلا الكثير من الفقراء أو من أصبحوا فقراء بسبب الغلاء
    فإنهم يواجهون الأمرين في توفير حاجاتهم الأساسية

    وفي الوقت نفسه نجد ان البعض لا يهمه سوى نفسه
    ويرفض الانضمام لأي حملة مقاطعة أو ترشيد يقوم بها المستهلكون
    ويدع التجار يقومون بالتحالف والتآمر ضد جيب المواطن
    وهو لا يهمه سوى نفسه

    وقول الاستاذ عبدالعزيز السويد :
    ” يمكن ان نخفف على الفقراء ”

    هذا يعني ان المستهلكين اذا توحدوا في الترشيد
    فان ذلك سوف ينعكس على الاسعار بحسب قاعدة العرض والطلب
    وسوف تنخفض الاسعار وبذلك نكون ساعدنا الفقراء وساعدنا أنفسنا
    وكسرنا تحكم التجار وحدهم في السوق

  3. abuhisham كتب:

    أولا .. الشكر كل الشكر لكاتبنا العزيز و القدير الأستاذ/ عبدالعزيز السويد على ما خطته و تخطه أنامله من رصد ومتابعة و مشاركة لعامة الناس في ما يعانونه من أمور قضت مضاجعهم و كدرت صفو حياتهم.

    أمور كثيرة يعاني منها الناس و قد لايكون في أيديهم عمل الكثير بدون تدخل الجهات الرسمية .. لكن .. في مسألة الغلاء و إرتفاع الأسعار فأول و أقوى الحلول في أيدي المستهلكين أنفسهم.

    هذه النقطة بالذات هي النقطة التي لايستطيع أي كان إجبار المستهلك على ما لا يريده.

    نجاح هذا الأمر مرهون بأمر واحد .. أن يقرر المستهلك ممارسة حقه في الإختيار و رفض الإستغلال و مقاطعة ما غلا سعره و الإتجاه للبدائل التي قد تفوق المنتج الأصلي .. الذي إرتبطنا به “نفسيا” .. جودة و سعرا.

    تحية خالصة لكاتبنا و لصحيفة الحياة ولكل من حمل بين أضلاعه هم الضعفاء و الفقراء.

    تحية لكم من إخوانكم في منتدى مقاطعة

  4. ابو عروب كتب:

    السلام عليكم

    الله يعدلها

    شكرا ابو احمد

التعليقات مغلقة.