«قصة شركة»

أثارت رسالة قارئ كريم تفاعل مع قضية بيع شركة أرامكو لـ«بترومين» ذكريات، ففي بداية عملي بوزارة الصناعة والكهرباء شاركت في لجان – لدعم وتشجيع الصناعة الوطنية – مع بعض الإخوة الكرام من جهات مختلفة، كانت واحدة منها لمصلحة منتجات شركة بترومين، ولا أنسى انطباعاً تولد لدي عن بعض كبار العاملين في الشركة – آنذاك – أنهم «ناس غير»، في الشكل والمضمون، وعلى رغم ذاك الانطباع كنت حريصاً على استخدام زيوت بترومين لأنها تنتج من شركة حكومية، كانت لدي قناعة أن الحكومة لا يمكن أن تغش ونحن نخاف من الغش وهو كثير، لاحقاً جربت وفهمت أن الحكومة لا تغش لكنها مثل جسد الإنسان يصاب بالفيروسات والميكروبات.
أعود إلى الذكريات، بعد ذلك بفترة جاء مسؤول جديد للوزارة المعنية بـ«بترومين»، فانتشرت أخبار عن تغيير ديكور المكاتب في الشركة لتتناسب ألوانه مع ألوان نادي كرة القدم الذي يشجعه المسؤول الجديد، المشكلة أن ألوان النادي قد تصلح للملاعب لكنها لا تصلح للمكاتب، وفي الفترة التي سبقت ذلك بسنوات وتلته، لم تكن الصحافة بهذا المستوى من مساحة النشر لكن القصص عن ما يحدث في «بترومين» كانت رائجة في الأوساط المهتمة بالشأن الاقتصادي والصناعي تحديداً، ثم ظهرت شركة «سمارك» مثل قصر ضخم ينبت فجأة فوق الرمال وتكاثرت الحكايات عن تجاوزات في الشركة الجديدة ومتنفذين فيها، وعلى رغم عدم تحول قضية التجاوزات إلى قضية رأي عام بارزة على السطح الإعلامي، وفي وقت قصير يصدر قرار صارم من الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله تعالى – وتقوم شركة أرامكو بتصفية «سمارك»، حتى اعتبرت «سمارك» من الشركات الأقصر عمراً ويحسب لـ«أرامكو» أنها قامت بالمهمة بصورة قدّرها كثير من المهتمين.
تذكرت كل هذا، متأملاً فيه وقلبته فوق تحت، لأصل إلى نتيجة أن شركة بترومين كانت «معيونة» أي مصابة بالعين أو في الحد الأدنى «عليها العين» منذ ذلك الوقت، من هنا لا يستغرب أن تكون هذه نهايتها، ومن بقي من موظفي «بترومين» القدامى، خصوصاً من أرسلوا رسائل حري بهم أن يكتبوا ذلك التاريخ بعنوان «قصة شركة»، ستكون قصة مؤثرة وذات لزوجة عالية لا تتأثر بأعلى درجات حرارة المحركات، أعتقد أن فيها صورة مختزلة ومهمة لجانب من اقتصادنا النفطي.
هناك سؤال بسيط في قضية بيع «بترومين» يتزحلق من دون حاجة إلى زيوت تشحيم، ما فائدة الخصخصة إذا كانت ستلقي بالعشرات من الموظفين المواطنين خارج المكاتب وتستقدم عشرات الآسيويين؟ ما فائدة القيمة «المالية» للصفقة والدولة بكل أجهزتها تحاول وتضخ المليارات من الريالات للتعليم والتدريب وتدعم القطاع الخاص بصناديق مختلفة وتطالبه «بالذوق» لاستحداث وظائف جديدة أو إحلال مواطنين بدلاً من أجانب!! وكأننا نحارب أهدافنا.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على «قصة شركة»

  1. أبو معاذ ع م / عبد الله محمد حسن المجددي كتب:

    أخي الكريم .. بعد قراءتي لموضوعك القيم ( قصة شركة ) وحول الاستغناء عن العشرات من الموظفين المواطنين ليحل محلهم آسيويون الله وحده أعلم بكفاءاتهم وقدراتهم وموضوعك هذا ذكرني بشئ مشابه فالشئ بالشئ يذكر ..
    ففي أثناء وجودي بمدينة أبها وبحكم علاقاتي ببعض الاخوة المواطنين ممن يمتهنون التجارة وعلمت أن البلديات تفرض عليهم تشغيل نسبة من المواطنين بمحلاتهم وقد قدر لي مراجعة إحدى البلديات بأبها ففوجئت بوجود عمالة أجنبية آسيوية لديهم مهماتهم هي اعداد الشاي والنظافة وما شابه لهذه المهن البسيطة فكيف تفرض البلديات على المحلات التجارية تشغيل مواطنين بمحلاتهم بينما تقوم هي بتشغيل عمالة اجنبية؟! متناسين قول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَاللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ }

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    يابو احمد الفساد مستوطن وله جذور .. المسألة هذه انتهينا منها بارك الله
    فيك المصيبة في اللي جاي في الطريق .. القديم اتركك منه معروف لدينا
    الاستعداد الان للقادم .. اذا كان القاضي في الباكستان اللي نقول لهم
    رفيق يأمر وينهي على رئيس الحكومة ويقلص من صلاحياته وهذولا
    الاخوام في وزارة الحج محكمة جزائية ديوان كبير عريض اسمه ديوان
    مظالم مرجعه اعلى سلطة في البلاد ومطنش احكام غير قابلة للاستئناف
    يعني واجبة النفاذ وفوري وهذولا يقول ردد ياليل مااطولك .
    وقولت لك يابو احمد كبر المخدة وشكرا .

  3. مواطن كتب:

    بيع بترومين يسأل فيه النعيمي والدباغ
    وما ادراك ما الدباغ الذي بهيئته باق
    حتى جاءنا من الواق واق
    وبلاد الافيال والبهار
    من أشتري مصانع بسعر غير شاق
    حتى بلغت من رخصها الافاق
    وفتح لها الاكتتاب
    فبيع جزء منها بما سال له اللعب
    هذه التنافسيه وعند عمرو دباغ لها بقيه
    والبلد منسيه

    في فمى ماء ياهيئة الاسثمار

  4. محمد الخميبس كتب:

    الشركات الصينية النفطية تنافس من أجل الحصول على امتيازات للتنقيب عن النفط في جميع انحاء العالم و حتى في السعودية التي لديها (أكبر شركة نفط عالمية) أما شركة أرامكو فتقوم بانشاء جامعات وملاعب كره وتبيع شركاتها في الداخل وتشارك في الخارج بشراء شركات وهمية يطوى اسمها بمجرد الاعلان عنها وآخر صرعة صيف أرامكو في الرياض (ليتهم وضعوا هدايا نفط للزوار يعني الجائزة الأولى 100 الف برميل خفيف والثانية 100 الف برميل ثقيل). أرامكو لا تقبل خريجي قسم النفط في جامعة الملك سعود وذلك لردائة تأهيلهم وتقبل خريجي جامعات خارجية الله اعلم بتأهيلهم.

التعليقات مغلقة.