دعاء وخطوط مفتوحة

هناك بلبلة لدى البعض حول التفجيرات كانت ولا تزال، وهناك من يحرص على استمرارها ويغذيها، غافلاً أو متعمداً، الهدف أو النتيجة، لأن ما في الضمائر علمه عند ربي، النتيجة هي خلخلة الفكر بحيث لا يصبح هناك رأي موحد جماعي وقوي ضد ما حدث من إرهاب.. أيضا هناك أناس لا يريدون أن يصدقوا حتى لو ظهر لهم ابن لادن بنفسه وأعلن مسؤوليته عن التفجير الأخير سيقال وقتها انه تسجيل مزيف، بعض آخر دخل في نوايا الجناة وأوجد تخريجات.
سبحان ربي..
حسناً لنترك هذا الأمر جانباً مؤقتاً ونعمل على أساس نتفق عليه جميعا.. أو أغلبيتنا على الأقل.. مادام أنه لدينا أكثر من 13ألف جامع وأكثر من 50ألف مسجد فروض في بلادنا ولله الحمد، ونحن الآن على أبواب العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، يتساءل الناس لماذا لا يرتفع الدعاء من “جميع” مساجدنا على من ارتكب تلك الأعمال الإرهابية ومن يخطط الآن لجرائم أخرى؟.. لماذا لا نلهج بالدعاء في هذه الأيام المباركة، ندعو عليهم وعلى من يؤويهم ومن يمدهم بالمال والسلاح والطعام؟.. ما الذي يمنعنا من الدعاء ما دمنا متفقين على شناعة جرائمهم وانتهاكهم الحرمات وقتلهم وترويعهم للآمنين؟
إن لدينا سلاحاً تتوحد به القلوب، به لجوء للقوي العزيز، وفيه إعلان عام عن الرفض لهذه الأعمال بكل وضوح وصراحة، وفيه أيضاً مطاردة معنوية فعالة لفلولهم، إن كان في قلوبهم ذرة من إيمان، وبه طرد للشكوك من بعض الأنفس، وسواء كان المجرمون القتلة من القاعدة أم من الطائفة “المهزومة” إن شاء الله، لا تهمنا الأسماء بل الدعاء الواضح الصريح ضدهم وضد من يناصرهم بأي صورة كانت المناصرة، الدعاء على من قام بالتفجير والقتل وترويع الآمنين بالنص، إنني اطلب من وزير الشؤون الإسلامية وفقه الله، أن يسارع بالتوجيه بذلك ويستثمر العشر الأواخر وأن يتواكب معه حث عليه من كبار العلماء والمشايخ.
جانب آخر سبق وأن طرحته وأكرره الآن للحاجة الماسة إليه، رغم ما قد يبدو عليه من مثالية، وهو أن تخصص أرقام هاتفية مجانية “غير مراقبة من أية جهة” ليتوفر لمن تورط من هؤلاء الاتصال والحوار مع العلماء والمشايخ ليبينوا لهم انحراف الفكر الذي سيطر على عقولهم، وشناعة ما تزينه لهم أنفسهم، ويستطيع المراقب أن يجزم أن بين هؤلاء المتردد واليائس والتائه، خاصة وأن اتصالهم الفكري بالمجتمع قد انقطع بالفعل منذ زمن، ولم يعد يؤثر عليهم سوى بعض المواقع أو “الرسائل” التي يحتفظون لابد بنسخ منها، ويعتمدون عليها .
وأزعم ان هذه الأفكار على بساطتها وسهولة وضعها موضع التنفيذ ستحقق نتائج هامة، لعل أقلها وأدناها إعلان وحدة صف المجتمع ضد هؤلاء بصوت عال، وفتح باب لخروج بعض المتورطين من أسر هذا الفكر المنحرف. وأهيب بوزارة الشؤون الإسلامية وأتمنى أن تكون بدأت في ذلك يوم أمس الجمعة، كما أتمنى أن تقوم من باب “الدعوة والإرشاد” بفتح خطوط هاتفية للحوار وتضمن سلامتها من الرقابة.
جانب آخر في غاية الأهمية، يجب ألا تؤثر مثل هذه الأحداث على سير حركة الإصلاح في بلادنا بل إنها تحث على السرعة والعمل الدؤوب في هذا الاتجاه، ويجب ألا نلتفت لمن يريد عرقلة هذه الجهود بالتهوين منها أو نسبها رد فعل لما حدث، بل إن مشاهدة ثمار الإصلاح رأي العين يقطع الطريق على العابثين والمشككين، فما يجب أن نفكر فيه هو الواقع الذي نعيشه، وإلى أين سنتجه؟.. وإذا كنا شاهدنا وعشنا ما حدث في دول عربية شقيقة قبل سنوات طويلة ولم نستفد منه في مواجهة الإرهاب، رغم أنه يكرر نفسه، فالأولى في الوقت الراهن ألا نكرر الخطأ الجسيم في قضية الإصلاح.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.