من عقوق الأبناء إلى قسوة الآباء

يقول المثل الشعبي «سلام القاطع يوم العيد»، والقطع ضد الوصل وضد البر الذي أمرنا به. ولا أدري هل أصابتنا «الطنزة»، عندما كان بعضنا يعيّر الغرب بالتفكك الاجتماعي، أم أن استنساخنا لنهجه الاقتصادي الممثل في الرأسمالية المتوحشة، و«تشعلقنا» بطرف ذيلها من دون إخضاعها للفحص والإصلاح أوصلنا إلى ما وصل إليه… اجتماعياً، ولم نصل اقتصادياً.
أول من أمس نقلت مشاهدات عن أحوال الفقراء وفيها صورة من صور عقوق الوالدين، خصوصاً وقت الحاجة الماسة، صورة أم مع ثلاث بنات لا يستر باب منزلهن سوى قطعـة قـماش صـورة مفزعة. اليوم أطرح إهمالاً من نوع آخر.
كتب لي قارئ كريم، وهو معلم يتعايش مع التلاميذ كل يوم ويحس بما يعانيه بعضهم، كتب عن أبناء مطلقات وكيف أن آباءهم تركوهم في حلوق أمهاتهم الضعيفات وأهملوهم، مع طول إجراءات محاكم ونفقة ضئيلة. ومن صور القسوة أن بعض الآباء ينتقم من صغاره بإهمالهم لخلاف مع والدتهم، يتزوج بأخرى ويترك الأولى وأولادها. وذكرت في مقال يوم الإثنين أن الوعظ والإرشاد لا يكفيان لإصلاح هذا الخلل الاجتماعي فلا بد من تدخل جهات رسمية، ويظهر أننا بحاجة إلى جمعية مثل جمعية أواصر الخاصة بأبناء السعوديين في الخارج، تتخصص – الجمعية الجديدة – في أبناء السعوديين المهملين في الداخل وحقوق أمهاتهم، بحيث تساعد الأبناء وترفع قضايا في المحاكم على المقتدرين من أولياء أمورهم، لأنهم في ضياعٍ، أثرُه لا يخفى الجميع.
الأستاذ – الشاعر – عبدالله بن صالح المقبل من جدة، مشكوراً، تفاعل مع معاناة أبناء المطلقات وإهمال آبائهم لهم في قصيدة جميلة بعنوان «لماذا يا أبي؟»، أنشرها – قبل العيد المبارك – لعلها تحرك نوازع إنسانية في قلوب بعض الآباء المهملين ليتذكروا قلوباً صغيرة غضة تائهة تهفو إلى التفاتة منهم:
لماذا يا أبي؟
لماذا يا أبي تَقسو عَلَينا… وتَهْجُرُنا، كأنّا قد جَنَينا
فلا تَهتمُّ إنْ كنّا مَرِضْنا… ولا تَدري إذا يَوماً بَكَينا
نَدقُّ عليك شَوقاً واحتياجاً… وأنتَ تَصدُّنا وتَزِيدُ بَيْنا
ونَبعثُ بالرسائلِ دونَ جَدوى… فأينَ مَحبةُ الآباءِ أَيْنا
لماذا يا أبي؟مِن أجلِ ماذا؟… تُقاطعُنا وتُعرِضُ إنْ أَتينا
نُساءَلُ في المجالسِ عنْ أبينا فَنَخْجَلُ أنْ نُجِيبَ بما لَدَينا
أنذكرُ أنّ والدَنا فِراراً… من الإنفاق لا يأتي إلينا
أنذكرُ أنّ والدَنا تَجنّى… لِيجعلَ أمَّنا تبكي علينا
يُهددُنا بِتحطيمِ الأماني… ويَهدِمُ عامِداً ما قد بَنينا
(لماذا يا أبي)، أقسَى سُؤال… ومِنْهُ ومِنْ قَساوتِهِ بَكينا.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على من عقوق الأبناء إلى قسوة الآباء

  1. الاب الحنون كتب:

    مثل هذا لاينفع ان يكون ابو

  2. ام البنات كتب:

    ينبغي ان يكون هناك عقاب لأمثال هؤلاء

    حتى يرتدع كل متساهل بحقوق ابناءه

  3. أين الحب الحنون كتب:

    هي رسالة اليك ياوالدي قبل العيد , لعلك تذكر ان لك ابناء ستسأل عنهم يوم الدين

    أنذكرُ أنّ والدَنا فِراراً… من الإنفاق لا يأتي إلينا

    معبرة جدا , والدي لانني طالبت بعد عدة شهور أنا واخوتي 1000 ريال فقط

    قاطعنا عدة شهور , أبي بالنسبة الي غريب , لااجرؤ على طلب اي شئ منه

  4. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    اثابكم الله استاذنا الحبيب وجعل ماكتبتم في ميزان حسناتكم .

التعليقات مغلقة.