ما يستفاد من لقاء الشيخ الخضير

كل من يريد خيرا لهذه البلاد لابد أنه فرح عندما استمع إلى لقاء الشيخ الخضير في القناة الأولى، يحسب للشيخ شجاعته في التراجع عن تلك الفتاوى التي استند إليها بعض المخربين، وهو موقف يحسب له لا عليه، بل إنه تاج على رأسه، يزيد من قدره، نسأل الله تعالى لنا وله المغفرة، والشكر للقناة الأولى وللشيخ عائض القرني الذي وفق كثيرا في الحوار.
لقد حفل حديث الشيخ الذي أراه عفويا وصادقا وصريحا بالكثير مما يمكن الاستفادة منه في مواجهة الفتنة والخراب الذي يراد لهذه البلاد باسم الإسلام.
لقد اتضح من خلال اللقاء ما كان يمثله كل من الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله من صمام أمان ومرجعية مؤثرة، فبالإضافة إلى العلم الغزير فقد كان الشيخان قدوة في السلوك والتعامل والرفق رحمهما الله.
ونحن بحاجة ماسة للقدوة الحسنة في كل مناحي حياتنا، بحاجة لأن تبرز وتعطى قيمتها الحقيقية، ومثلما يحلو للبعض النيل من الدين بسبب أخطاء بعض المنتسبين له، فإن الواجب هو الانتباه لهذا الأمر، فالذي اختار أن يظهر بمظهر الملتزم بالتدين يكون الواجب والمسؤولية عليه أكبر، فهو تحت المجهر في كل تصرفاته من طريقته في التعامل مع الآخرين إلى أسلوبه في قيادة سيارته، هذا لا يعني على الإطلاق أن الآخرين لا يقع عليهم مثل هذه الواجب، لكن من ابتلى بقصر النظر يحسب أخطاء أولئك على الدين وهو منه براء، مثلما وصم الإسلام بالإرهاب وهو منه براء، والقدوة التي نفتقدها هي أوسع الأبواب إلى الدعوة، وهي التي أدخلت الإسلام إلى بلاد عديدة، فالإسلام دين جمع الشكل والمضمون.
ومثلما نفتقد إلى القدوة الحسنة، نفتقد أيضا إلى الرفق الذي أمرنا به وأخبرنا أنه ما دخل في أمر إلا زاد من حسنه.
وإشارة الشيخ الخضير إلى مسؤولية المدرسين في الصفوف الأولى خصوصا المرحلة الثانوية يجب أن لا تذهب سدى، إن على وزارة التربية والتعليم مسؤولية كبيرة فهل تعيها!؟، وهي أيضا تقع على وزارة الشؤون الإسلامية، في الاستمرار في تأهيل من يعلم ويربي هؤلاء الصغار، خصوصا في دروس الدين، فهم قدوة لتلاميذهم، ومعظم المشاركين في الأحداث كانوا من صغار السن، ولابد أن هناك مثلهم لازالوا تحت الأرض.
وأتفق مع ما جاء في اللقاء في أن البطالة أو الفقر ليس مبررا على الإطلاق للقتل والتفجير، لكنها بيئة خصبة جدا، لكل من يبحث عن جمهور وتابعين مهما كان لون الراية التي يرفعها، فليس من المفيد التهوين من خطورتها، بل الواجب التحرك السريع لحلها بكل أمانة وتحمل مسؤولية، وهي مسؤولية تقع علينا جميعا.
واتضح من اللقاء، للأسف، أن هناك شبه قطيعة بين المشايخ والعلماء بعضهم البعض، أو لنقل عدم تواصل فعال أفضى إلى مثل تلك الاجتهادات التي ثبت خطأها وخطورتها لاحقا بالتجربة والنتائج. ولم تنحصر خطورتها بالقتل والتفجير وترويع الآمنين بل شوهت الإسلام ووفرت فرصة ذهبية لأعدائه وأعداء بلادنا .
ولا أنسى أن أكرر المطالبة بالرفق والمعاملة الحسنة لكل من يسلم نفسه ولا يثبت عليه جرم، ولا يكفي هذا بل لابد من أن يخضعوا لدورات تجيب على ما أشكل عليهم من فكر وتعيدهم إلى جادة الصواب أفرادا منتجين مخلصين لبلادهم، لا يتأثرون بدعوات حاقدين تلبست بلباس الإسلام وهو منها براء مثل “مفتي قناة الجزيرة” وجماعته في عاصمة بلير.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.