التقصير يستدعي المحاسبة!

في مقابل الضخ الإعلاني والتسويقي بحجمه وزخمه الكبيرين، يتضاءل الفعل التوعوي والوقائي إلى أدنى حد، بل يمكن القول إنه بالمقارنة هو فعل متلاشٍ متناثر، من هنا تطول قائمة المستفيدين من مستثمري الحاجة أو الجهل، وهم أكثر الرابحين في مجتمعنا، تأتي التوعية لدينا ضعيفة وبعد وقوع الفأس في الرأس، بل بعد استفحال ظاهرة ما، تصبح الظاهرة النشاز هي القاعدة أو المتوافر، ليتم لاحقاً التكيّف معها قسراً، ينطبق هذا على الخدمي والاستهلاكي وحتى الاستثماري، لنأخذ مثالاً سهلاً على ذلك، قبل أيام نشر تصريح للمتحدث الرسمي لوزارة الإعلام الأستاذ عبدالرحمن الهزاع في صحيفة «الرياض»، حيث حذّر «من الانسياق وراء الإعلانات التي يتم نشرها في الصحف المحلية عن أصحاب السيارات الخاصة من السعوديين والأجانب الذين يمارسون نشاط نقل الركاب وخدمات نقل الركاب وخدمات نقل الأسر والطالبات تحت مسميات مختلفة، وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة، أن هذا عمل مخالف لنظام النقل العام في المملكة، وإن كان منتشراً في الآونة الأخيرة، سواء للطالبات أو المشاوير الخاصة، فالذي يقوم بعملية النقل لا بد أن يكون له ترخيص لممارسة هذا العمل»… انتهى.
وقضية السائقين الخاصين نموذج هنا، والتحذير المنشور تحذير يتيم… جداً، وهو يأتي من وزارة الإعلام بحكم علاقاتها بالمطبوعات، لكنه يأتي خفيفاً لطيفاً في مسألة الملاحقة!
حسناً لنبحث عن أصل هذه الظاهرة التي استفحلت بآثارها السلبية المعروفة، ستجد أن الجهة المكلفة أساساً بمسؤولية النقل، أي وزارة النقل، انشغلت بتزفيت الطرق لا غير – مع ترميم نفق طريق الملك عبدالعزيز مع طريق الإمام، الذي ضرب رقماً زمنياً قياسياً إلى موسم الأمطار المقبل – فتركت «الدرعا ترعا» في قضية النقل، فلا هي أسست لنقل عام وخاص واضح ومتين يحقق الخدمة الأمينة المطلوبة، ولا هي أعلنت عجزها عن ذلك، إنها تقوم بتجديد رخصة شركة النقل الوحيد والعاجزة عن مقابلة الطلب، أيضاً هي بقيت على حالها مع سيارات الليموزين وأسلوب عملها السارح السائب بكل تداعياته الأمنية، لم توفر الجهة المكلفة بالنقل حلاً مع حاجات متزايدة، ولم تقف ضد بروز الظاهر السلبية، حتى الإعلان لم تعلن لتوعية الجمهور، بقيت متوارية، والجهات المتوارية لدينا كثيرة، والتواري الصامت أفاد كثيراً من الجهات المقصرة، إذ جعلها بعيدة عن الواجهة. ولأنه لا تتوافر محاسبة واضحة المعالم للجهة المكلفة والمسؤولين عنها، يستمر الوضع على ترديه، وتصبح الظواهر حقيقة واقعة يجري التكيّف معها قسراً، بسبب الحاجة وانعدام البديل، لتنشأ طبقة من المستفيدين يصعب لاحقاً اختراقها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على التقصير يستدعي المحاسبة!

  1. ماجد الرحيمي كتب:

    بسم الله الرحمن الرحيم

    توقفت على مقالك الرائع لحضات أضحكتني، سأذكرها للفائدة
    في آخر الشارع في الحي لدنيا مجموعة من العمالة قبل ما يقارب 7 سنوات أستأجرنا هذه العمالة للقيام بأعمال إنشائية منهم البلاط ومنهم المليس ومنهم الدهان واثنين ما يعرفون الا يصلحون خلطة الاسمنت، الحاصل في الامر أنه قبل حوالي شهر طلبت من أحدهم وهو المليس أن يقوم ببعض الاعمال لدينا فقال خلاص أجيب أحد العمالة ونتفق معه، قلت كيف:
    قال: أجيب لك عمل يشتغل وأنا أشرف عليهم. قلت: له ليش ما تبي تشتغل. قال: الا بس المدارس قربت، وأنت وش دخلت قال : أنا أوصل المدرسات والطالبات الصبح والعصر أوصل دكتورة لأحد المستشفيات، قلت له كم يطلع معك قال يعني 4000 إلى 5000 مع المشاوير الخاصة في الشهر. والعجيب أنه معه سيارة خصوصي باسمه يوصل عليه وجميع من كان يعمل معه في الدهان ولابلاط أصبح سائق خاص الآن سكن العمالة تحول إلى أكبر مواقف للسيارات الخاصة في الحي عندنا.
    والاعجب أنه يسألون أي واحد في الحي إذا يبي يبيع سيارته

    خـالـص شكـري

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    وزارة النقل وزارة التجارة وزارة الحج وزارة وزارة وزارة وزارة .
    ولاتزروا وازرة وزر اخرى ..
    ابو احمد كل يوم افتكر مدير مرور وسط لندن اللي قبل سنتين استقال
    عشان واحد من افراده خالف انظمة السير ووقف في مكان ممنوع
    والا هذا الاخ وزير التجارة التايلاندي اللي قبل اسبوعين قدم استقالته
    وغادر البلد نهائي خروج بدون عودة عشان واحد صحفي فاضي
    كتب مقال ابرز فيه سلبيات الوزارة .
    واقول كيف كتب التاريخ تقدم دول وكيف كتب التاريخ !!!!!!
    الله يكتبنا ومن يقراء في جنات النعيم .وشكرا

  3. شعلان الشمري كتب:

    باختصار شوف هالموضوع

    http://www.btalah.com/showthread.php?t=172444

    الناس ما تشتغل الا من الحاجة والحق على الجهات الي ما نظمت الموضوع وتركت خدمة من اهم الخدمات في جميع الدول بيد العابثين من الوافدين الغير نظاميين حيث ان نسبة كبيرة جدا من سائقي الاجرة هم من كفلاء غير شركات الاجرة ومهن مختلفة وقد يكونوا بدون رخص قيادة …. وعملية هروبهم سهله في حال حصل حادث او جناية

    المملكة من اكبر الدول رقعة جغرافية ومن اكثر المدن ازدحام وتركت هذه الموارد للنهب , رغم انها قد تكون مورد مهم للدولة

    فيه مواطنين محتااااااااااجين ….. الخ السكوت احسن

    بالتوفيق

التعليقات مغلقة.