اتصل بي صديقي أبو حطاب من أجل بقرة، رغم أن لا علاقة له بالبقر لا من قريب ولا من بعيد، فهو يتصل بي في العادة لأجل ضب أو ناقة.
هذه البقرة شغلت تفكيره، والعجيب أنها بقرة مجهولة لم يُحدد لها اسم مثل النعجة دوللي مثلا وبقية القطيع المعروف، بل حتى إن الدولة التي “ترعى” هذه البقرة في أراضيها نفت أنها ذات أصل ومنشأ أمريكي و ادعت أنها بقرة كندية دخيلة مشكوك في نسبها واصلها وفصلها، وهو ما تم نفيه لاحقا، يظهر أنها أصبحت بقرة بلا جنسية، ثم شاهدنا صورة تبثها الفضائيات لبقرة تتزحلق ولا تستطيع الوقوف، وبعد نقاش “ثوري” مع أبو حطاب طرح سؤالاً عن السبب المتوقع لجنون هذه البقرة، هل هي نوعية المعالف التي كانت تقدم لها في المزرعة الأمريكية؟، أم “حلب” المزارع المستمر لها .
تدخل أبو حطاب قائلا : لماذا لا يكون صاحب المزرعة اختص بالعناية والرعاية بقرة أخرى على المجنونة، فالأخيرة تحرث وتزرع وتكد والأولى تأكل و تجتر وترمح في أوقات الفراغ، لنتوقف هنا عن نبش وطرح الأسباب الداخلية لجنون البقرة، ننتظر التحقيقات التي قد يجريها مكتب التحقيقات الفيدرالي ولا بد أن قطعان الأبقار والثيران في جميع أنحاء العالم تنتظر نتائج هذه التحقيقات. لكن لماذا لا يتجنن البقر أو لا تبدأ ظهور الحالات إلا في بريطانيا وأمريكا، أرجو أن لا يدفعهم هذا لحشر جينات البقر المجنون وتصديرها إلى بلدان العالم الثالث مثلما فعلوا في النفايات المشعة، ويقال بعدها إنه بقر عالمثالثي متخلف وربما إرهابي.
في الحقيقة لا ألوم البقرة الأمريكية، فإذا كان كل صاحب عقل لا يفهم السياسة الخارجية الأمريكية والبريطانية ويستغرب عدوانيتها وإعلانها شعارات تناقض أفعالها، فإن الأمر وصل إلى “العجماوات”، إلى الحيوانات، ولأن البقر حيوان معطاء ومدر وحلوب فلابد أنه من أكثر الحيوانات رقة وبالتالي أكثرها شفافية و تأثراً بما تفعله السياسة الأمريكية والبريطانية الخارجية خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، حتى البقر يحتج، ليس بقرنا بل بقرهم ..هم ومع ذلك يتنصلون من جنسيته ولا يخجلون من إلقاء التهمة على جيرانهم.
صديقي ابو حطاب ليس له علاقة بالأسباب التي جعلت البقرة الأمريكية تصاب بالجنون وتتزحلق بل هو يؤكد على مسألة مهمة، طرحها على شكل سؤال يقول هل يمكن لبقرة أن تؤثر على اقتصاد عالمي ؟، ثم يجيب هو قائلا بملء الفم نعم كبيرة، مؤكدا أن أصل الصراع هو صراع اقتصادي وأن الحروب تنشأ لأسباب اقتصادية وليست لمنشأ إنساني أو لمبادئ وقيم سامية مثل تلك المعلنة والتي يحرص البعض على تسويقها، ويستغرب صديقي أبو حطاب أن تكون السعودية لا زالت تفكر وتفكر بوقف استيراد لحم البقر الأمريكي رغم أن عشرات الدول من العالم المتقدم حتى حبيبة القلب الأمريكي إسرائيل أوقفت الاستيراد، ويسأل المواطن ابو حطاب هل أجهزة مختبراتنا أفضل وأكثر حداثة من تلك الدول التي نستورد منها تلك الأجهزة!؟، أم أن صحة المواطن أرخص من صحة مواطنيهم حتى نستمر في التفكير .
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط