أحسنت وزارة الداخلية صنعاً بتشفير صور التائبين المعترفين في بيانها التلفزيوني الأخير، الرسالة وصلت والأثر ظهر، وتعرفنا على بعض وسائل تجنيد هؤلاء الشباب، وكيف تمت السيطرة عليهم، كل هذا تم من دون تشهير وأذى قد يتجاوز الفرد إلى العائلة، بل وكل من يحمل اسمها، لهذا أهيب بوزارة الداخلية ووسائل الإعلام والمطبوعات خصوصا بسرعة حذف صور من لم يعد مطلوبا لاي سبب من نشرات المطلوبين، ليس هناك فائدة من الاستمرار في نشر هذه الصور اللهم الا تقليد “إخراجي” للائحة الأمريكية للمطلوبين من نظام صدام، ولا اعتقد ان احدا يرغب في تقليد مثل هذا، ولاحظت تحسنا في العمل الاعلامي لوزارة الداخلية مقارنة بالبيانات الأولى والبرامج الحوارية مع المتراجعين التي صبغها الارتباك أو الرسمية التي لا تمت بصلة الى إعلام اليوم في جوانب عديدة، ان نشر قصص المعترفين ممن جندتهم خلايا الارهاب أمر مهم يساهم في توعية المجتمع بحيث يعي افراده حقيقة ما يدور فيه، لعل المجتمع يرى نفسه بوضوح أكثر ويلامس مكامن الخلل من دون مكابرة او مزايدة، وكلما كانت الاعترافات عفوية وطبيعية من دون توجيه رسمي وصلت الى الناس وأحدثت التأثير المطلوب، ليس هناك مثل الحقيقة وعلى لسان من اكتووا بنارها، ولابد أن في محاضر التحقيق مع هؤلاء كماً هائلاً من المعلومات التي يجب الاستفادة منها، كيف تم ذلك ومنذ متى بدأ الأمر، وماهي الأدوات والوسائل التي استخدمت لغسل الأدمغة ودفع الشباب لترك أهاليهم وترك كل شيء والانضواء تحت مظلة التكفير والتفجير، وفي الوقت الذي اقول لرجال الأمن العام أحسنتم ووفقكم الله، يتبادر الى ذاكرتي خبر صغير نشرته جريدة الوطن عن حوادث ليس لها علاقة بالتفجيرات، ولكن لها علاقة بالأمن ورجاله، فقد نشرت الوطن خبرا عن التصديق على اعترافات سبعة اشخاص من بين اربعين متهماً في قضايا الاغتيالات التي قتل فيها وكيل إمارة الجوف ورئيس محكمتها ورئيس الشرطة وأحد الجنود رحمهم الله جميعا، والتي حصلت في منطقة الجوف، حوادث القتل هذه كانت مثار اهتمام الرأي العام، وأجد أنه من المهم التنبيه الى أمرين.
الأول انه من المفيد ايضاح حقيقة أسباب حوادث القتل هذه للناس دحضاً للشائعات، خاصة وانها طالت مسؤولين حكوميين، الثاني وهو ما توقفت عنده بأسى، وهو كثرة عدد المشتبه بهم مقارنة بالمتهمين، سبعة اشخاص من اربعين شخصا، فارق كبير بين الرقمين يدعو للاستغراب، واتفهم في ظل هذه الظروف اسلوب المعالجة الأمنية واتمنى أن لا يكون طال اولئك المشتبه بهم وثبت انهم ابرياء اذى وضرر أو اهانة، وليس لدى معلومات بهذا الخصوص والا لكنت دونتها هنا، لكن الرقم أدهشني، والتأكيد هنا على أنه حتى المشتبه به، يبقى بريئا محترما محفوظ الكرامة الى أن يثبت عليه الجرم فيعامل بما يستحق، والأمن الذي هو أمننا جميعا أحوج ما يكون الى تكاتف المواطنين ابناء المجتمع ولن يأتي مثل هذا التكاتف بصورته المثلى الا اذا شعر كل مواطن ان كرامته محفوظة حتى ولو حامت حوله الشبهات، فقد تحوم الشبه لخطأ او عدم دقة واحتراف المحققين او مصادفة أو تشابه اسماء او مكيدة، والجراح النفسية دائما ما تكون اصعب شفاء من جراح الجسد، والله المستعان.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط