الوعظ لم يَكْفِ ولن يكفيَ

انتقد سماحة مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بـ «شدة» بنوكاً وتجاراً سعوديين في خطبة جمعة. وأكد المفتي «أن عدداً من المصارف والشركات سعى إلى الغش والخيانة والتلاعب في أموال الناس، وأظهر مشاريع خيالية لا حقيقة لها، واستعمل الأموال في ما حرّم الله». وأضاف: «أن تجار الأسهم يتلاعبون ويستدرجون الأسهم، وأن الضحية هو المواطن المسكين الذي لا يملك إلا القليل، وأَكَله الأقوياء بحيلهم الباطلة».
ما سبق جزء من الخطبة التي يشكر عليها سماحة الشيخ، إذ خرج عن المألوف في خطب الجمعة. وقد أحسن الزميل فيصل المخلفي برصدها، ونشرتها «الحياة» بمسؤولية على صفحتها الأولى في طبعتها السعودية، في حين لم أرَ صحيفة أخرى أعطتها ما تستحق من الاهتمام.
أعادتنا خطبة المفتي إلى كارثة سوق الأسهم، إذ أدى التعاطي الرسمي «السلبي» معها إلى أضرار لا تُحصى، وضغوط شديدة على الطبقات الوسطى والمحدودة الدخل، فظهر لنا ما يشبه مصباح علاء الدين بالسالب. والواقع أن بعض كُتَّاب الصحف قالوا مثل هذا، وحذروا قبل سنوات، ولم يسمع لهم أحد! وفي حين يؤكد سماحة المفتي، من على المنبر، «أن بنوكاً وشركاتٍ سعت إلى الغش والخيانة والتلاعب بأموال الناس»، فإننا لم نرَ أي تحقيقات طاولتهم، بل لم نرَ أدنى درجات الاهتمام، فلا يزالون «يتندحون». لقد تهدمت بيوت، وأفلست نساء ورجال، وتحطمت آمال، وكان الهم الوحيد هو أن لا تتضرر البنوك. وتم تناسي الضخ الإعلامي عن «السوق والاقتصاد المتين» الذي شارك فيه رسميون. أما بعض الشركات، فلا يزال في الأيدي نفسها التي أدارها ذلك الوقت.
هل يكفي الوعظ؟ بالطبع لا، لقد ثبت بالقطع أنه لا يكفي… وكان هذا ثابتاً من الأساس لكل مطّلع في علم الاجتماع. النتائج الوخيمة أمامنا، وكونها متناثرة هنا وهناك ومقسطة، لا يقلل من حجمها، «يكفي أن تعلم أن أكثر من 65 في المئة من الموقوفين في سجن الحاير من الجامعيين»، والحالة المعيشية لا تسر، هل لهذا علاقة بذاك؟ بالتأكيد.
لو تم تصنيف المقالات لوجدنا منها ما وعظ وحذّر ونبّه قبل وبعد كثير من الظواهر والأخطار. إلا أن السؤال الذي يتدحرج ويكبر ولا يجد من يجيب عليه هو: أين الجهات الرسمية المسؤولة عن هذه القضايا؟ جهات من مسؤولياتها الكبح والردع في الوقت المناسب. لماذا لا تتم محاسبتها؟ فإذا كان مَن غشّ وتلاعبَ هو الخصم في تلك المرحلة، فإن جهات الرقابة أصبحت هي الخصم – أقول هذا بكل أسف -، وقد حذرت آنذاك من فقدان الثقة من دون جدوى… فما هو مستوى الثقة الآن؟ وما دام سماحة المفتي كسر حاجز الصمت، فما رأي خطباء الجمعة؟ أيجوز الصمت عن نقد ومساءلة جهات رقابية أخفقت في أداء واجباتها؟ وهل هذا يُرضي الله تعالى؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على الوعظ لم يَكْفِ ولن يكفيَ

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    جهات الرقابة أصبحت هي الخصم ..جهات الرقابة أصبحت هي الخصم..
    جهات الرقابة أصبحت هي الخصم ..جهات الرقابة أصبحت هي الخصم..
    جهات الرقابة أصبحت هي الخصم..جهات الرقابة أصبحت هي الخصم..
    وبالثلاث نقول (نعم ) (نعم ) (نعم) .. والسؤال ياحبيبنا من المستفيد !!!
    والسلام ختام

  2. ابو متعب كتب:

    مساء الخير ابو حمد وجميع القراء

    * جزاء الله سماحة المفتي خير الجزاء على هذه الخطبه التي كما وصفتها خارجه عن المألوف وهي بلا شك تلمس حل الواقع .
    * مسالة البنوك: هي مشكلة كبيره جدا فالازمة العالمية التي مرت على العالم كان للبنوك اليد الطولى فيها والناس تدفع تكاليف جشع البنوك باشكال متعدده في اغلب مناطق الارض من تعثر في السداد القروض لاغراض انتفت – رفع سن التقاعد – زيادة في الضرائب ….الخ.

    * الجهات الرقابية : وهنا نقول لمؤسسة النقد العربي السعودي كنتي بارعه في حماية البنوك والرقابة على حركة الاموال لاغراض مشبوه ومن الى ذلك ومكافحة غسل الاموال ( وان كان لي تحفظ على بعض الاجراءات في هذا المجال) ولكن فشلت فشلا ذريعا في حماية الناس من جشع وطمع البنوك. كمثال بسيط رسوم خدمات بطاقات الائتمان غير مقبولة وتكاد تكون مرتفعه لدرجة قياسية مقارنة بغيرنا من الدول ومتطلبات المنح / هوامش الارباح لقروض الاسكان مبالغ فيها. والفائدة المركبة اعظم مشكلة . ولذلك لازالت البلد بحاجة الى مضاعفة عدد البنوك العاملة فيها لتعزيز المنافسة. خلاصة الحديث ان هوامش الربحة لغالبة لبنوك السعودية تعتبر قياسية بجميع المعايير وهذا ؤيعطي انطباع عن استغلال هذه المؤسسات للافراد بشكل خاص

    تحياتي

التعليقات مغلقة.