أصبحت أعيادنا ملطخة بالدماء، وصار وحش الإرهاب يختار لحظات الفرح ليحولها إلى أيام مثقلة بالحزن والأسى، ولم يعد يضع حرمة لزمان ولا مكان بعدما انتهك حرمة الإنسان روحاً ومالاً.
سبعة قتلى ستة منهم من رجال الأمن في يوم واحد وقبل إطلالة يوم العيد الأكبر، في العشر المباركة، قلوبنا ومشاعرنا مع أسر هؤلاء الشهداء، ندعو لهم بالصبر والسلوان وللشهداء ندعو لهم بالرحمة والمغفرة .
هؤلاء الرجال الذين يقفون بصلابة في مواجهة وحش الإرهاب لهم حقوق علينا، أقلها أن نطمئن على حمايتهم واستعدادهم عدة وعتاداً، والناس يتساءلون عن أسباب تزايد أعداد القتلى منهم خاصة وأن حربنا على الإرهاب أعلنت وهي قائمة ومستمرة وهي حرب معلنة أيضا على الفكر الذي يستند إليه .
وفي إحصائية صحفية حتى الآن قتل ستة عشر رجل أمن خلال الأشهر الماضية وهو رقم كبير. لكن مواجهة حي الفيحاء كانت حادثة مأساوية ومفجعة وزاد من الألم مقتل والد أحد المطلوبين، مثل هذه الحادثة تطرح العديد من الأسئلة المشروعة أولها عن مدى استعداد وجاهزية رجال الأمن من كافة النواحي لمثل هذه المواجهات، وهل الأساليب المطبقة في التفتيش والتقصى مناسبة وتقلل من الخطر على رجال الأمن، هل يلبسون واقيات للرصاص.. هل وهل؟، كل هذه الأسئلة وأكثر منها دارت وتدور في أذهان الناس منذ أن انتشر خبر الحادثة يوم الخميس.
ومن الواضح أنه كان لدى الجناة في حادثة الفيحاء هدف أول هو قتل أكبر عدد من رجال الأمن ومن ثم الهرب وهو هدف مستمر لهم معروفة آثار تحقيقه.
إنني هنا لا أشكك بمقدرة رجال الأمن، بل إنه لا يصح لي ولا لغيري ذلك، ولكني مثل كل واحد منكم أرى أن سقوط مثل هذه الأعداد برصاص أناس مطاردين يلاحقهم كل المجتمع تقريبا لابد أن له سبباً أو أسباباً وأخطاء يجب البحث عنها وتلافيها، حماية لرجل الأمن وقيمته و حماية للأمن نفسه.
وإصرار وحش الإرهاب على القتل والهرب دليل أيضا على أن المواجهة الفكرية لفكر هذا الإرهاب لازالت ضعيفة ولم تتغلغل في صفوفه كما يجب، ثم أنها موسمية تتصاعد مع الأحداث الإرهابية الكبيرة وتخبو عندما تتراجع هذه الأحداث إلى الظل ويترك الأمر لرجال الأمن، ننسى أننا نواجه فكرا، وكأن رجال الأمن لا يواجهون سوى لصوص.
إن إدارة المواجهة الإعلامية للفكر الإرهابي.. ضعيفة ومتراخية، تجد هذا الضعف في كل وسائل الإعلام، هذا على افتراض أن هناك إدارة إعلامية للمواجهة، واستراتيجية إعلامية واضحة المعالم والأهداف، وإذا كان هناك خطة أصلاً وهو ما أشك فيه والدليل هو أن كل ما قمنا به ليس سوى ردود فعل آنية تضمحل بسرعة وسهولة، إضافة إلى تصاعد هذا الزخم من الأحداث الذي ينبعث بين فترة وأخرى فنسمع ونقرأ أخباراً موجعة مثل خبر حي الفيحاء.
رحم الله الشهداء وألهم أهاليهم الصبر والسلوان، وحفظ الله تعالى بلادنا وأمننا من كل شر، وأعاد لنا هذا العيد أعواماً عديدة ونحن بحال أفضل.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط