«حنا غير»

لنأخذ الأمر بهدوء – إن استطعنا – ونتحدث عن الجاهزية قبل وبعد الكوارث، إلى أية درجة هي فعالة ومواكبة، بعيداً من الحديث حول بنية أساسية غير مكتملة أو في حال سيئة كما هو الواقع في جدة أو فساد متراكم.
بعد أحداث سيول العام الماضي في مدن سعودية عدة، تابعت أخبار تشكيل لجان وحماسة رافقتها، و«طقست» كما يقول الإخوة المصريون، لاحظت مع مرور الزمن خفوتاً في النشاط، سألت هنا وهناك لم يتبيّن لي جديد. جاءت كارثة فيضانات باكستان، لأكتب مقالاً – في آب (أغسطس) الماضي – بعنوان «جرس إنذار… أكبر من تسونامي»، أوردت فيه جملة ملاحظات واقتراحات، أعيد نشر جزء منها.
كانت الملاحظات:
* انعدام قدرة الجهات المعنية على توقع الكوارث قبل وقت مناسب يسمح بتقليل الأخطار.
* تردي وتشتت وسائل إبلاغ المواطنين المتوقع تضررهم من كوارث محتملة، وكذلك نقاط تلقي البلاغات من المواطنين.
* ضياع «طاسة» السكان، إذ لا يعلمون ماذا يفعلون، وإلى أين يتجهون، ونتائج ذلك فوضى معروفة آثارها.
* ضعف خطط مواجهة نتائج ما بعد الكوارث، نتجت من ذلك خسائر بشرية ومادية وشلل جزئي، مع انقطاع بعض السكان وعزلهم بفعل الأمطار الشديدة.
أما الاقتراحات:
* الحاجة إلى غرف للتحكم والسيطرة في كل مدينة، وتحديد رقم موحد للطوارئ وليس أرقاماً عدة (999 و980 و 940)، أو أرقاماً عادية بتحويلات، كما حصل في جدة أخيراً.
* النظر في استخدام مباني البلديات الفرعية، لتكون مراكز انطلاق لنجدة الناس، فور توقع الكوارث أو حدوثها.
* القيام بتجارب افتراضية يشارك فيها الناس (خصوصاً الأحياء المتوقع تضررها)، وكيفية منع الناس من التوجه إلى «الخطر»، أو إنقاذ وإسعاف من هم في حال خطر.
* قياس دوري لمدى جاهزية الأجهزة الميدانية (الأفراد، المعدات).
* تعيين متحدث رسمي لكل منطقة، يكون على اتصال مباشر بين الميدان والتحكم والسيطرة لتوحيد البيانات.
* الحاجة إلى خطة إعلامية لمواجهة الكوارث، وهو دور يجب أن تتضافر في تنفيذه كل وسائل الإعلام ووسائل الاتصالات قبل الحدث وبعده.
ذكّرني القارئ جلال بنبوءات مواقع روسية – العام الماضي – عن أمطار غزيرة في بعض مناطق السعودية، وكيف جرى التخفيف منها بل ونفاها البعض. قضية سلامة السكان مقدَمة على كل القضايا، ولو كانت هناك استفادة معقولة من أحداث العام الماضي في الإنذار المبكر، لأمكن تخفيف الأخطار وحصرها في أقل حيز ممكن. نعم من غير الممكن إيقاف الأمطار ولا السيول المنقولة، لكن هناك مساحة لتخفيف أضرارها قبل حدوثها.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على «حنا غير»

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    اليوم مراسل قناة الجزيرة في النشرة الرئيسية يقول ( كارثة سيول جدة في نسختها الثانية)
    .. سرقوا الصندوق يامحمد .. وسرقوا المفتاح .. وسرقوا.. وسرقوا .. وسرقوا .
    اس . اس . السلام عليكم .

  2. أبو نايف كتب:

    صباح الخير :

    بصراحة روسيا أعطتنا التحذير هدية بدون مقابل وأعلنته وصرحت عنه ، لكن للأسف لم يتم التعامل مع التصريح بجدية وكأن جده وغيرها من المدن غير معرضة للكوارث الطبيعية وكأنها في كوكب آخر ..نعم مازلنا نعاني من هذه الفكرة .. نحن بمعزل عن العالم .. نحن غير .. وجده غير .

  3. د. ناصر المشاري كتب:

    السلام عليكم،،
    أود التصحيح اذا امكن. هناك ثلاث مراحل لأي كارثة استاذي العزيز:
    1. قبل الكارثة: الهدف منها منع الكارثة قدر الامكان وذلك باستخدام أدوات تحكم لمنع الكارثة. هذه المرحلة مناسبة للكوارث التي يمكن منعها مثل الحريق أو اختراق شبكات وانظمة الحاسب الآلي. في حالة الكوارث الطبيعية يتم تغيير مضمون هذه المرحلة الى “الجاهزية” لاستيعاب الكارثة ومحاولة تقليل تبعاتها
    2. أثناء الكارثة: أو وقت وقوع الكارثة والهدف الأساسي منها هو انقاذ الأرواح والممتلكات وعدم الحديث عن أي شيئ آخر غيرهما.
    3. ما بعد الكارثة: وتبدأ هذه المرحلة بعد التأكد من انقاذ الارواح والممتلكات حيث تبدأ باعادة الوضع الى ما قبل الكارثة ومن ثم تقييم للوضع الحالي ومناطق الضعف التي سببت فقدان للأرواح والممتلكات اضافة الى تقييم لتعاون الأجهزة المعنية المختلفة.
    كل مرحلة من هذه المراحل لها تفاصيل وخطة معينة واجراءات محددة حتى يتم التصرف أثناء الكارثة بواقعية وعدم الاعتماد على العشوائية و “الفزعة”.

    لقد كنت أحد المشاركين في اعداد خطة طوارئ في مدينة ملبورن في فلوريدا لشركة تعمل في مجال الطيران وكما هو معروف في ولاية فلوريدا تتعرض لأعاصير تبدأ من شهر يونيو الى نهاية ديسمبر وتعلمت من هذا العمل كيف أن الاستجابة المخطط لها وكيف أن الناس يعرفوا ما مفروض أن يعملوه لها أكبر الأثرفي انقاذ الأرواح والممتلكات.

    من أكبر الأخطاء التي شاهدتها في كارثة جدة “عدم وجود الشفافية في التعامل مع الكارثة” وبالتالي انعدام ثقة المواطنين بالأجهزة الرسمية اضافة أن تعامل الاعلام مع المرحلة الثانية والتي يجب ان يتم الحديث فقط عن انقاذ الارواح وعدم الخوض في ضعف البنية التحتية والفساد المستشري الخ

    الموضوع له شجون ولكنني اقارن ما شهدته من أعاصير في فلوريدا وكيف ان السلطات تستفيد من كل اعصار لتحسين الاستجابه له في المرة القادمة وكيف ان انقاذ الارواح هو جوهر ادارة الكوارث، بينمت يتحدث المسئولين عندنا عن ضعف البنية التحتية ومحاسبة المسئولين. الأولية الان يجب أن تكون “كيف نستعد للكارثة القادمة” اما الفساد والبنية التحتية فقد تحتاج لسنوات للبت فيها

    تحياتي العطرة

  4. ابو نزيــه كتب:

    يا ليت زميلكم الكريم صاحب مقالة “جدة أزمة تراكمية” في عدد اليوم استشاركم وأخذ بحكمتكم قبل كتابة المقال التافه والبعيد عن الواقع

التعليقات مغلقة.