نفض الغبار

أصبح في إمكانك استخراج رخصة بلدية لممارسة تجارة التجزئة أو الجملة من دون المطالبة بإبراز صورة السجل التجاري. هذا هو آخر قرار صدر من وزارة البلديات واعتمدت الوزارة في قرارها على أنه لا يوجد في نظام البلديات، الصادر بالمرسوم الملكي بتاريخ 21/2/1397 ما يلزم بذلك. والمعنى أنه يمكنك أولاً إصدار رخصة البلدية ثم تستخرج السجل التجاري فلا تصبح في “حيص بيص” … هؤلاء يقولون هات الرخصة وأولئك يقولون أين صورة السجل.
دعونا نحتفل بالتخلص من أول صورة رسمية لا حاجة لها ولم يلزم بها النظام أصلاً ولكن البيروقراطية فرضت مثل هذا الطلب، وتذكروا معي كل تلك الصور الزائدة عن الحاجة والمتوافرة في أرشيف الجهات الحكومية، ومع ذلك تطالب بإحضارها حتى أصبحت بلادنا من أكبر الأسواق لمكائن النسخ، وازدحمت أقسام الأرشيف بنسخ من أوراق لا حاجة لها سوى عدم توفر نظام استرجاع المعلومات، وكسل الموظفين. وقد يبدو هذا الإجراء بسيطاً وهذا القرار عادياً لأول وهلة، لكني أعتقد خلاف ذلك، فهو مؤشر الى أن كثيراً من الطلبات لم ينص عليها في الأنظمة والى أن تفسير هذه الأنظمة هو سبب التعقيد والبيروقراطية.
 دعونا نحتفل بالتخلص من أول صورة لا حاجة لها لنحرقها ولنشعر ببعض الدفء. مثل هذا القرار على بساطته يمثل نقطة صغيرة في نهر الإصلاح الذي لا بد من أن نجتهد لتوسيع مجراه وصنع روافد له ليتحول إلى شبكة ري لصحرائنا المترامية.
 والواجب على الجهات الحكومية، وزارات ومؤسسات وهيئات، أن تعيد النظر في فهمها للأنظمة وتقوم بعملية شفط للدهون وإزالة للرواسب وإلغاء لشروط فرضت من غير حاجة. ولتكن القاعدة هي قائمة من التسهيلات وليست فقط قائمة من الشروط، ولنتخلص من عبارة هات. وأنتظر مشروعاً لنفض الغبار تشكل فيها لجان داخل كل جهة حكومية لإعادة النظر في علاقتها بالجمهور، وهل هناك حاجة ماسة لذلك الطلب؟ وهل الإجراء المتخذ حالياً هو الأيسر والأسهل؟ بشرط أن تحدد مدة زمنية معلومة لتنهي كل لجنة عملها.
وإذا كان الغبار هو جزء من بيئتنا ولا بد من أن نتعايش معه، وفشلنا “حتى الآن” في إنتاج أو اختراع ما يواجهه ويقلل أخطاره والخسائر التي يسببها، فلا أقلّ من أن لا نشجع على زيادة إنتاجه ونستمر في إزالة ما تراكم منه في أدراج أجهزتنا الحكومية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.