صورة أسقطت نظاماً سياسياً

والصورة المعبّرة هي لكل من أحمد عز رجل الأعمال المصري الذي انخرط في السياسة وأصبح قريباً من القرار وثلاثة وزراء هم من رجال الأعمال، لكنها صورة مختلفة لأنها جاءت من السجن، بعد اتهامهم بالفساد وسوء استغلال النفوذ. تخيّل لو أن هذه الصورة ظهرت للإعلام قبل عام بكل مسبباتها وما أحاط بها، فكم كانت ستعطي مثل هذه الصورة نظام الرئيس حسني مبارك من جرعة تطيل عمره، لا أشك لحظة أنها كانت ستمد في عمر النظام، ولو صاحبها عمل مماثل أكبر وأشمل لربما – أقول ربما – ساعدت في زيادة حظوظ نجله جمال للحصول على فرصة سياسية في مصر. والصورة نموذج للفساد الذي كان في أعلى الهرم وحين تهاوى ظهرت في السجن، ما زال رجال الأعمال بانتظار محاكمة وقد تظهر في المرافعات تفاصيل أخرى، من المتوقع أن يضع بعض منهم المسؤولية على مبارك وأسرته، سيقولون انهم لم يكونوا سوى واجهة لا غير.
هل كان نظام الرئيس مبارك قادراً على فعل مثل هذا؟ أي مكافحة الفساد، المكافحة الحقيقية التي تجتث جذوره؟ نظرياً يمكن الإجابة بنعم فهو يملك القرار والسلطة، إنما هناك معضلة راسخة هي أن الفساد صار مع تراكم الوقت ورخاوة زادت من طفرة مجموعات المنافقين والمتنفعين لتصبح حلقات وسط حلقات… أصبح الفساد جزءاً من النظام، تحول الى عقله الذي يفكر به فلا يستطيع فكاكاً من صندوقه، وعينه التي ينظر من خلالها فلا يرى أفضل وأحسن منه، ويده التي يخطف بها لذلك يعز عليه بترها.
وإذا دققت النظر ستجد أن الفساد واستغلال النفوذ، مع عدم مواجهته بفاعلية تلمسها الجماهير، هو العنصر المشترك في كل الثورات العربية والمحاولات الماثلة أمامنا، ففي السماح للفساد أو التغاضي عنه عدم احترام للعقول وغمط للحقوق، وقد أحدثت ثورة الاتصالات وانسياب المعلومات موجة تثقيف واسعة، وقدمت نماذج كان المشهد المصري فيها السهل الممتنع، لكن في بلاد عربية أخرى يختلف الأمر، في ليبيا المشهد دموي، ونيرون العرب يقول على الهواء مباشرة عليّ وعلى أعدائي، بل إن بعض الإذاعات المحلية في أفريقيا السوداء تبث إعلانات لفرص «وظيفية» في ليبيا لكل قادر على حمل السلاح. في ليبيا نحن أمام صوملة، واقع الصومال هو الأقرب، فالشعب الليبي أعزل في مقابل كتائب وجيوش من المرتزقة بعضها لديه خبرات في «راوندا» أم المذابح البشعة، والشعب الليبي شعب مظلوم منذ أربعة عقود تحمّل سطوة مجنون دموي بلباس زعيم، كان من المضحك في زمن مضى أنه أعجب بعض السذج من جماهير العرب بخطابات نارية، مثلما يعجبهم آخرون الآن بخطابات مماثلة.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على صورة أسقطت نظاماً سياسياً

  1. أسامة الزهراني كتب:

    المشكلة أن كل دولة تعتبر أن لها خصوصية عن غيرها فنظام مبارك كان يقول نحن غير تونس. ونظام المعتوه القذافي يقول نحن غير تونس ومصر. ونظام علي عبد الله صالح يقول نحن غير تونس ومصر وليبيا. والله أعلم كم ستطول القائمة.
    فلو كل نظام حارب الفساد وعمل إصلاحات حقيقية وحقق العدالة وكفل الحرية لما آلت الأمور إلى ما آلت إليه.
    والسعيد من وعظ بغيره.

    ودمتم

  2. مساك الله بالخير استاذي ابو احمد
    نفتخر برجل مثلك من ابناء وطني
    صوره من هذا المقال لمن يهمه الامر في حكومتنا قبل فوات الاوان

  3. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    والله من ناحية دققنا النظر .. دققنا النظر حتى طفحنا فساد وصار عندنا فائض
    طيب والاخرة .. ايش الحل يابو احمد .. ابونا الله رجعه لنا بالسلامة .. وبكرة
    الاثنين .. ونحتاج نسمع قرارات تتطنطن .. تملي الدماغ… تبرد الكبد .. تشعرنا
    ان الامور.. ان شاء الله في طريقها للحل .. والله يسمعنا خير ان شاء الله وشكرا

التعليقات مغلقة.