الغرب بين الموز والنفط

تستمر الولايات المتحدة في الحضّ الإعلامي على عدم المساس بحقوق الإنسان والحريات في المنطقة. تنثر كل الكلام الجميل الآسر للعواطف الجياشة، ولا تخجل في الوقت نفسه من استمرار إبداء الأسف «لا غير» لقتلها أطفالاً ونساءً في أفغانستان بهجمات جوية عسكرية، وتزيد من نفاقها مع شريكتها العتيدة بريطانيا في رفع صوتها ضد نظام القذافي لاستخدامه الطائرات ضد الثوار الليبيين. تهدد بالتدخل العسكري، وعلى رغم أن ثوار ليبيا الباحثين عن الحرية من قمع نظام ديكتاتوري، كرروا كثيراً رفضهم التدخل الأجنبي، إلا أن الغرب يصر على ذلك، فترسل بريطانيا قوات خاصة، هكذا يقول الفعل: إنه حرصٌ على مصلحتهم، وتذهب حقوق الإنسان والحريات هنا هباءً.
لدينا بلد عربي اسمه الصومال في موقع استراتيجي، أين الجيوش الغربية وحلف «الناتو» منه؟ الصومال في حرب أهلية منذ عقود، أليس هناك بَشَر لهم حقوق؟ ألم يُحدث استمرار الحرب الأهلية الصومالية توفير ملاذٍ آمنٍ لقراصنة ومخربين؟ لماذا لا تبدو الصومال مغرية؟ هل بسبب الموز أم النفط؟
الغرب ممثلاً بمثلث برمودا بأضلاعه الثلاثة – أميركا وبريطانيا وفرنسا – يضحك على الأنظمة والشعوب، لا يملُّ النفاق الصارخ. يتحدث بلسان معسول عن الديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان، ويحضّ على حماية الشعوب زوراً، لعلمه بأثر مثل هذه الشعارات، ولا يملّ أو يكل من تكرار استخدامها، لكنه يصم الآذان عن إعلان ثوار ليبيا رفضهم التدخل الأجنبي في حربهم مع «ملك ملوك أفريقيا»، وتحت غطاء المجتمع الدولي ومجلس الأمن يمكن الغرب فعل الكثير، يتقدم ساركوزي عن غيره باعتراف بالثوار الليبيين واستقبالهم بما وبما ينبئ عن حضانة مبكرة، فالصورة غير الواضحة لثوار ليبيا تسمح باختطاف المشهد.
في جانب الإمكانية، يستطيع الغرب التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، بل التأثير القوي. أصبح الإعلام الحديث أفضل وسيلة للتدخل بأقل خسائر ممكنة، وإعلام الغرب أكثر صدقية لدى الشعوب العربية لأسباب معروفة. والأمم المتحدة بمجلس أمنها أداة تحت اليد يلوح بها، وتجميد الأموال وحشٌ داخل القفص. كلما علا شأن الدولة في المنظومة العالمية أصبح لصوتها صدى أقوى، فبيان من الخارجية الأميركية أو البريطانية صار له أثر يحرك بارجات وكاسحات، إلا أن هذا التدخل لا يستطيع النفاذ إلّا من ثقوب موجودة في الداخل، لو تم سدها لما تمكن من التأثير. من هنا لا مناص من الانحياز الحقيقي للشعوب في الداخل والوفاء بمطالبها وحاجاتها، وحتى لا يستمر اختطافها افتراضياً… لتقوم بمهمة إحداث الفوضى الخلاقة. التأخير في الوفاء بالحقوق وسد الشقوق يعطي فرصاً ذهبية لسحب البساط.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على الغرب بين الموز والنفط

  1. saleh كتب:

    للاسف هذا واقع لاكن اتمنى من العرب عدم التعامل مع الغرب كل حسب مصلحته واتمنى ان تعود الثقه بين العرب المشكله ان ليس هناك ثقه بين الدول العربيه هناك جامعه عربيه بلا فائده انظرو الا اوروبا والله لو تعاملت فرنسا لوحدها سياسيا مع العالم او ايطاليا لما وجدناها بهذه القوه ذالك لانهها تحتمي بالاتحاد الاوربي نتمنى من العرب تفعيل دور الجامعه العربيه وان يكون لدريهم قرار جريئ واحد حتى لو خالف امريكا واوروبا لن يخسرو شي بل والله لن تستطيع امريكا واوروبا مجابهة العرب بشرط الاصرار على الموقف وتوحيد الصفوف سترون ان امريكا ستظطر الى التعامل مع القرار العربي لانها بختصار لن تستطيع محاربه اكثر من عشرون دوله اذا افترضا ان العرب قررو الاتحاد على الخير والشر السراء والضراء

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    لا.. واحلى شئ يابو احمد انهم قالوا احنا مانقدر نسوي شئ لحماية الثوار
    الا اذا توفر لنا غطاء عربي يعني قالوا لنا العرب .. والعرب ثماني واربعين
    ساعة قالوا لهم تكفى افرضوا حظر جوي .. الولد يسألني يابو احمد طيب
    ليش هما العرب مايفرضوا حظر جوي من عندهم .. قلت له يستحوا من بعض
    الخجل قاتلهم .. وبس وشكرا

التعليقات مغلقة.