طرح “مساهمة الفقع” لم يأت من فراغ، وهو اجتهاد لتوضيح كيف يقع الناس في الفخ، وقد تبدأ مثل هذه المساهمات بنيات طيبة وتتضخم اللقمة ويظهر الطمع ليعمل بالتضامن مع سوء الإدارة فتقع الكارثة، والنتيجة إفلاس جانب كبير من متوسطي ومحدودي الدخل، تبخر ادخار معلمات وموظفين، وضاعت أموال أفراد باعوا منازلهم وممتلكاتهم أو تدينوا العشر خمسة عشر بطريقة الدفع الرباعي، وهروب آخرين أو سجنهم.
ولنقرر حقيقة هنا وهي أن الناس في بلادنا يبحثون عن الربح المريح… والحلال، فإذا اجتمعت فهي “أبرك ساعة”، وكثير منهم لا يحبذون البنوك إما ابتعاداً عن الشبهات، أو لأن أسوارها عالية، كما أن فرص الاستثمار الصغيرة أمامها معوقات كبيرة، والمتاح من الشركات المساهمة في أيدي مجالس إداراتها يمتصونها ثم يطالبون بزيادة رأس المال، ولا يذكر الناس أن واحدة من الشركات التي ثبت فشلها قد أوقفت إدارتها وكشف الخافي في أدراجها، أما إذا طرحت شركات جديدة للاكتتاب فإن هؤلاء لا يحصلون إلا على النزر اليسير من أسهمها التي تذهب إلى المقتدرين بفعل التسهيلات المصرفية.
لهذه الأسباب يقع الناس فريسة سهلة لمن يقدم نفسه على أنه متدين ويوفر فرص تحسين الحال بالحلال، ومثلما استخدمت عباءة الدين في تغطية عمليات الإرهاب، وأصيب البعض بالشك والتردد أمام هذه الحيلة القديمة، يستخدم الدين أيضاً في النصب والاحتيال، لأن سمات التدين شهادة ثقة ونظافة ذمة. ويغتر أناس بشكل المسوق وهيئته وأسلوبه في الإقناع، هذه الأرضية المناسبة فرخت وستفرخ الكثير من المساهمات، وهناك غير “سوا” و”لحوم المراعي” لم يظهر حتى الآن للإعلام.
ولم يجد الناس سوى الانترنت لتبادل المعلومات عن مدى مصداقية المعلن عن تلك المساهمة وهل هو ثقة، فهرول الوسطاء إليها وباشروا عملهم الترويجي، وأكتب لكم هذا المقال ولا تزال هناك دعوات في الانترنت للمساهمة في بطاقات “سوا”، والطمع هو المستشار الاستثماري الذي يتتبعه بشوق ولهفة ضحايا المساهمات.
وأعود لمساهمتي المطروحة للمتاجرة بالفقع “مستفيداً من أساليب الرواد الأوائل”، فأقول أن العدد محدود ولم يتبق إلا جزء يسير من المبلغ المطلوب “ويا تلحق ويا ما تلحق”، والمتأخرون في الانضمام سيطالبون بعلاوة “مشوار”! يعكف على تحديد مقداره فريق متخصص. نسيت القول أن شعار مساهمة الفقع التي ستقفل قريباً هو “إذا لم تصبح ثرياً أضمن لك فقع مرارتك”.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط