“كشتة المراقبين”

كلما اقتربت النسبة من التسعين في المئة فأكثر زاد قلقي، وقد يكون لذلك سبب سياسي حيث تعودنا من الزعماء العرب الفوز في الانتخابات بنسبة 99 في المئة فلم يتركوا مساحة بعدها للحركة، وأصيب الوضع العربي بالشلل.
موضوع هذا المقال ليس سياسي بل غذائي، والنسبة هذه المرة 98 في المئة، والمنسوبة له هو المدير العام لصحة البيئة في أمانة مدينة الرياض، حيث قال لجريدة “الوطن” أن حملات التفتيش لهذه الإدارة جعلت التسمم الغذائي ينخفض بنسبة 98 في المئة من خلال التركيز على “الأحياء”، يقصد أحياء العاصمة السكنية وليس سكانها. ويوضح أن صحة البيئة استطاعت ذلك من خلال دورات وبرامج لتأهيل المراقبين الصحيين، وبعد أقل من أسبوع تنشر جريدة “الرياض” عن تسمم 12 شخصاً، ويضطر المواطن مطر الحارثي إلى زيارة الصحيفة لنشر شكواه، والسبب أن بلدية الشمال لم تتعامل مع الشكوى بسرعة، فلم يخرجوا لأخذ العينات من المطعم إلا عصراً على رغم أن الشكوى قدمت لهم صباحاً. واستقبل مستشفى الملك خالد الجامعي المضيف وضيوفه بعد تعرضهم لنوبات من الإسهال والقيء ليحلوا ضيوفاً على المستشفى ولا يخرجوا إلا في صباح اليوم التالي. وبحسب حديث المواطن مطر فإن العينات أخذت بعد 12 ساعة، ورفضت البلدية إقفال المطعم احترازياً، وربطت الأقفال بنتائج العينات.
ومن المعلوم أن حالات التسمم تكثر في فصل الصيف بسبب الحرارة وسوء التخزين لدى المطاعم، ويمكن فهم توقيت تصريح المدير العام صحة البيئة عن نسبة الانخفاض البالغة 98 في المئة داخل هذا النطاق، لأن البرد يستر أموراً كثيرة ومنها قدور المطاعم وأبوابها الخلفية، ولا شك في أن حالة التسمم التي تعرضت لها أسرة الحارثي وضيوفها ستدرج ضمن نسبة 2 في المئة، وهي نسبة لا يعتد بها ويمكن اعتبارها من الشاذ الذي لا حكم له.
وفي تصريح الـ”98 في المئة” قالت صحة البيئة انه تم التركيز على أطراف المدينة مثل الجنادرية والثمامة والأحياء القديمة مثل منفوحة وحي المصانع. ويظهر أن المراقبين الصحيين “كاشتين” هناك بحكم أن “الكشاتة” انتشروا خارج المدينة وتركوا الداخل لغسيل المعدة في المستشفيات، وبحسب التصريح هناك مئة وعشرون مراقباً صحياً في الرياض لا نعرف كيف يراقبون وهل يعتمدون على حواسهم فقط، كما أننا لا نعرف عدد المطاعم و”البوفيات” ومثلها البقالات.
ومثلما نصحت كثيراً بالابتعاد عن أفعال التفضيل أنصح أيضاً بالابتعاد عن هذا الجزم بالنسب المرتفعة لأنني أشعر بالأخوة في صحة البيئة وهم يقولون لأنفسهم “يا ليتنا من تصريحنا سالمين”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.