الإرهاب المقدس

إذا كانت العبرة بقتل المدنيين وترويع الآمنين، فإن جورج بوش الابن ورامسفيلد وشارون ونتنياهو وبلير وطابور طويل غيرهم قتلوا عدداً من المدنيين أكثر مما فعل زعيم القاعدة. ولا يبدو أن الغرب يفهم أو يرغب في الفهم. والحقيقة أنه اختفى وجه من وجوه الإرهاب، وبقي أكثر من وجه على القائمة. كان الفاتيكان محقاً حينما قال متحدثه الرسمي: «أسامة بن لادن كما يعرف الجميع عليه مسؤولية جسيمة في نشر الانقسام والكراهية بين الناس، وتسبب في مقتل عدد لا يحصى من الناس، واستغلال الدين في هذه الأغراض»، وحتى تكتمل صورة الموقف «الرصين»، من الواجب على الفاتيكان أن يضع إصبعه على صور الآخرين ممن ينشرون الكراهية، من المحافظين الجدد واليهود الصهاينة.
بماذا يوصف احتضان إسرائيل، والحرص على تفوقها العسكري بدعم قدراتها وكبح الآخرين؟ بماذا يوصف غض النظر عن جرائمها، واستخدام حق الفيتو لحمايتها، وقرارات لا تحصى ضدها صدرت من هيئة الأمم المتحدة رميت في زبالة التاريخ، وهي الهيئة التي تستخدم الآن حينما يرغب الغرب في التدخل في أي بلد؟ الغرب لا يريد الاعتراف بأن إسرائيل هي سبب كل الحروب والجرائم، وعدم الاستقرار في المنطقة العربية أو منطقة الشرق الأوسط كما يحلو للإعلام الغربي تسميتها.
حقّق الرئيس أوباما نصراً سياسياً هو بمسيس الحاجة إليه في الداخل الانتخابي، ربما يتيح له اغتيال أسامة بن لادن فرصة ولاية رئاسية ثانية. الابتهاج الذي أبرزته وسائل الإعلام أمام البيت الأبيض لا يقل عنه ابتهاج في داخله، ويتساءل الناس لماذا لم يقبض على ابن لادن؟ أليس «كنز معلومات» كما يوصف وخلفه اتباع كثيرون منتشرون في أرجاء العالم ما زالوا يشكّلون خطراً؟ إمكان الوصول والقتل وعدد ضحايا عملية الاغتيال يشير إلى إمكان القبض على زعيم القاعدة، السبب أنه لم يعد يحقّق فائدة فاستخدمت جثته، وسيجري نحت عدو جديد، إما في صورة شخص أو مصطلح، الغرب لا يستطيع الهيمنة في وضع عالمي مستقر.
في الجانب الآخر، حقّق أسامة بن لادن بأعماله أكبر فائدة للغرب، كانت القاعدة في الواقع قواعد «ذرائع» متحركة ليد الغرب الطويلة. طويت صفحة من إرهاب الجماعات المتطرفة المطاردة، وبقي إرهاب إسرائيل محتضناً لا يمس، لأنه إرهاب مقدس لدى الغرب تقدم له القرابين كل يوم.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على الإرهاب المقدس

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    بوش والزفت الثاني النتن وشارون ورامسفيلد هذولا يابو احمد على رأسهم
    ريشة .. لكن بن لادن عيبه انه مسلم بس هي هذه المشكلة .. وبعدين يقولوا
    لنا حوار اديان وتسامح .. شعب بكامله تم ابادته وفي الطريق شعوب اخرى
    سيتم ابادتها .. ياسلام على الكيل لكل واحد ميزان يختلف عن الاخر ..
    وحالنا راح يفضل كما هو عليه مادام كل واحد من العرب جالس يمول موال
    يختلف عن الاخر .. الله يستر الاخرة يااستاذ وشكرا

  2. محمد كتب:

    جزاك الله خيرا على هذا الطرح الرائع
    فعلا لابد من اظهار الجرائم الاميركية والصهيونية عوضا عن غض الطرف عنها من بعض الكتاب واشهار سلاح الكتابة والتحريض ضد الاسلام واهله لانهم لايتفقون مع الاهداف الاميركية

    شكرا جزيلا استاذ عبد العزيز وجزاك الله خيرا

  3. أبو بسام كتب:

    مع ثقتي بأن ابراج التجارة تم تسهيل إسقاطها عن طريق اليهود انفسهم ، هل العالم الغربي لم يكن ليفعل ما فعله إلا بهذا العذر؟ ، هؤلاء لديهم مخطط جاهز أما المبررات الإستهلاكية فهي إما أن تأتي من تلقاء نفسها (و هذا نادر) أو يتم البحث عنها (و هذا الأكثر لأن المبررات المصنوعة احتمالية كشفها أعلي لعدم انسيابيتها مع الواقع ، أو كما يقولون : حبل الكذب قصير) و إما أن يتم صنعها (و هذا موجود).

    المُحصلة أنه لو لم يوجد ابن لادن لكان المبرر غيره و الواقع واحد.

  4. عبدالرحمن العنقري كتب:

    مساك الله بالخير أبو بسام

    يقولون أن الحرب على الإرهاب لم تنتهي ، و يقولون و يرددون و نعرف جميعاً أن أسامة – سواءً اختلفنا معه أو لا – كنز من المعلومات ، فهو لجماعته كمختار ليبيا لمجاهدينه و ياسين فلسطين للفلسطينيين ، و بالتالي فإن القبض عليه أفضل بمراحل من قتله . هنا تتدفق الأسئلة .

    أما قصة العشق الفاسد بين أمريكا و إسرائيل فاللهم أعد للإسلام عزته .

التعليقات مغلقة.