“صحوة البعارين” -1

ندوة عن الإبل والاهتمام بها استثماراً وإكثاراً!
لا شك في أن إقامة تلك الندوة خبر طيب، لكن هل يمثل هذا بادرة اهتمام عملية حقيقية أم احتفالية إعلامية تضاف الى ندوات ومؤتمرات لا تعد ولا تحصى في مختلف المجالات ولا تنتج شيئاً، تختفي التوصيات والوهج الإعلامي مع تبادل الدرع التذكارية، ونحن مرشحون لتصدير هذه الأخيرة، فما أكثر الدروع حين تعدها.
البعير حسب من رموز التخلف والبداوة التي ينظر إليها البعض بهذا المنظور، وأهملت سفينة الصحراء فترة طويلة من الزمن، ثم تحول الاهتمام به إلى الاحتفاليات في السباقات و”المزايين”، اهتمام شكلي لم يتطور إلى المضمون، أما الاهتمام العلمي الممنهج وفق رؤية طويلة المدى، فلم ينجح أحد.
 وكانت معرفتنا المتأخرة بالبعير أنه أحد أسباب حوادث السيارات الشنيعة على رغم أنه أداة بيد مالك لها هو من وضعها في الطريق. عند هذا ومع بعض قطع لحم “الحاشي”، خصوصاً كبدته، تقف حدود معرفتنا بالإبل واهتمامنا بها، لذلك تناقصت وتكاد تنقرض، والحل بالاستيراد من أفريقيا و… استراليا!!.
والحديث هذه الأيام عن أستراليا وتجربتها مع الجمال تتناقله القنوات، وعندما تأتي التجربة من الخارج يصبح لها طعم لذيذ مثل الكافيار.
 هل تحب الكافيار؟ ربما لا ولكن لأسمه وحضوره وقعاً مخملياً نخبوياً، محبباً للنفس الضعيفة.
ولا تستغرب “قريباً” عزيزي القارئ عندما ترى في حراج الإبل أو أمام ثلاجة عرض اللحوم خبيراً “أحمر عطر” بشعر أشقر يعلمك أهمية هذا الحيوان الذي نام جدك وجدي على سنامه وتشاركا الماء سوياً في صحرائنا القاحلة، لا تستغرب وسنرى ذلك رأي العين.
إذا أراد وزير الزراعة أن يسجل أسمه في تاريخ هذه البلاد فليجعل من إستراتيجية إنماء الإبل وإكثارها هدفه الأول، ومثلما وفرت المكيفات ورذاذ الماء البارد والأعلاف الخضراء للبقر الهولندي المستورد حتى أصبحنا نحن البلاد التي تشكو من شح الماء! نصدر الحليب والألبان إلى الخارج!! فإن الاستثمار في الإبل مرشح لنجاح أكبر.
 في حالة تجربة البقر والألبان كانت التقنية جاهزة، ونحن أساتذة في مشاريع تسليم المفتاح. في حالة الإبل فإن الأمور لا تزال في طورها الأول ومراكز الأبحاث في الجامعات لا تسأل عنها.. “وسع صدرك ولا تدقق”، هذا الوضع في جانب منه جيد لأنه يعطي الفرصة لبداية صحيحة مؤسسة بشكل متين، البناء أفضل من الترقيع.
وغداً نكمل “صحوة البعارين”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.