تصويت

التصويت لدينا وكما خبرناه هو بالصوت الرفيع والدليل “يا علي صحت بالصوت الرفيع”، والرفيع هنا بمعنى الصوت العالي، والتصويت أيضاً يأتي بصيغة المناداة، يا علي… يا سعد… يا بو فهد، هلموا طلباً للفزعة او بث الهموم، وهناك فارق بين هذا والتصويت للانتخابات البلدية الذي سيكون بصوت خفيض جداً. هذا في اعتقادي سيسبب إشكالية لدى الناخبين، هل يرفعون الصوت حتى يسمعوا “بالضم” كما تعودوا واعتاد أجدادهم؟ وكيف سيتأقلمون مع صيغة جديدة بالتصويت من خلال بطاقة ومن وراء ساتر، وهم الذين كانوا يرفعون الصوت ولا يجدون في الغالب من ينصت إليهم؟ ومما سيزيدهم اندهاشاً أن الصوت سيكون من حق المرشح، فهو الذي سيصوت بالصوت العالي عن أفكاره التي سيترجمها إلى أفعال… وشعاره الوحيد في تلك المرحلة “صوتك يناديني”.
 ونحن في امتحان حقيقي ستقرر نتائجه ردود فعل الناخبين أمام إغراءات المرشحين، سيجتهد كل مرشح في جذب كل الأصوات اللازمة. ولأن الحبال الصوتية غير بعيدة عن طريق المعدة، فربما كانت الأخيرة أفضل “دائرة” لجلب الأصوات، خصوصاً أن المسالخ داخل نطاق عمل البلديات، وهذا ما يجعلني أعدل قولاً معروفاً ومشهوراً ليكون: “أقصر طريق إلى صوت الناخب معدته”، فإذا كان إطعام الفم يدفع العين للحياء فما بالك بالمعدة وهي مرنة مطاطة. بالتأكيد أنه سيدفع الأصابع للتوقيع والاختيار الأمثل المستند إلى امتلاء البطن، الذبائح والمفاطيح من أدوات العلاقات الاجتماعية المؤثرة لدينا، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها. ومما سبق يعني هذا ازدهاراً لأسواق المطاعم والمطابخ ونصب الخيام، وهو أمر متوقع ومقبول، ولكن ماذا ستفرز هذه الانتخابات، ما الذي سيستقر في أذهان الناخبين من هذه التجربة، بعيداً عن انصراف المرشحين عنهم بعد جمع أصواتهم وعدم إجابتهم على الاتصالات وطرق الأبواب.
في تقديري انه لو استقر في أذهان الناخبين شيء واحد فقط، وهو معرفة قيمة الالتزام والانتظار في صف طويل وتعلم الصبر، واستهجان الفوضى التي تعودنا عليها، لو أستقر هذا وحده لكنّا حققنا مكسباً كبيراً عجزنا عن تحقيقه.
 دعواتكم معي الى أن يكون التصويت مدرسة لنا لتعلم النظام ومعرفة أن حقوق الآخرين هي مثل حقوقنا يجب المحافظة عليها بإصرار ولكن بصوت منخفض.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.