كلمة السر

لو قيل للرئيس المصري حسني مبارك ما مقدار التنازل الذي ستقدمه حتى لا يحدث ما حدث لك ولأسرتك وبلدك، لقدّم الكثير من التنازلات الصعبة… في ذلك الوقت.
أيضاً لو طرح السؤال على رئيس تونس السابق بن علي لقدّم أكثر.
وإذا كان ما نشر من سرد لجلسة تحقيق مع الرئيس مبارك دقيقاً وصحيحاً فهو لا يُستغرب، خصوصاً تكرار إجاباته بعدم العلم أو عدم التذكر، دائرة الخاصة تنتج خواصها الخاصة بها، وتتعامل كل دائرة مع مرجعها بالأسلوب نفسه، أي عدم الخوض في التفاصيل، ويصبح التخمين هو الدليل الاسترشادي للعمل والإنجاز! «يمكن سيادته يريد ذلك»، وسيادته لا يعلم أو راضٍ بعدم العلم.
كلمة السر التي نسيها زعماء وأنظمة هي التنازلات الحقيقية التي يلمسها رجل الشارع في حياته اليومية، وهو إجراء له وقت محدد، فإذا تأخر القول المصاحب للفعل، وصل الأمر إلى الشارع، والأخير بلا عقل، ومن الصعب الإمساك به إذا تدفق.
ومشكلة الثورات العربية القائمة الآن، سواء التي أسقطت نظاماً أم التي هي في طريقها لإسقاطه، أن لا رؤوس لها واضحة معلنة. ومن السذاجة توقع أن لا قادة لها. لا بد أن هناك رؤوساً متعددة، لكنها ارتضت الجلوس في المقاعد الخلفية، والإمساك بالخيوط من بعيد، لذلك يظهر كثير من الشباب «على الفضائيات» بمسمى أعضاء اللجنة أو الحركة، ولا شك في أن هذا أسلوب أثبت نجاحه في تصعيد الثورة، وإحراج الأنظمة، لكنه حتى الآن فشل في ما بعد الثورة. «ونموذج مصر وتونس حاضر»، فالهدم أسهل من البناء، والشارع أصبح ليناً سهل الاستخدام.
ومن أخطر ما قرأت في بعض مواقع «التوجيه» الثوري العربي، القول باستمرار الثورة ولو لسنوات، وهذا يعني «وقف الحال» لغالبية السكان. ومنها أيضاً استهداف «الاستقرار» كمصطلح مخادع، على اعتبار أن الأنظمة تستخدمه لإجهاض أي تفكير بالتغيير، لخطورته على الاستقرار، وأن الأخير بحد ذاته منجز حتى لو أصبح جموداً في رأي الشعوب. وفي هذا بعض الصحة، لكن من يضمن الوصول إلى «الحرية والديموقراطية»؟ ولماذا لا تكون هي أيضاً طعوماً مخادعة؟
لنتذكر أننا نتحدث عن مستقبل أمة ودول وشعوب. والاستقرار مطلب ينشدونه، لا حياة من دونه، لكن استخدامه كحاجز وفزاعة للتخويف من الإصلاح الحقيقي والتغيير البناء… مقامرة به. في المشهد المصري برز الألم على وجه رئيس الوزراء المصري المحمول سابقاً على أكتاف جماهير الثورة، ظهر الأسى عليه وهو يلقي كلمته مقدِّماً وعوداً جديدة، ومصر الآن بحاجة إلى بعض التسامح والتنازلات من جانب المنتصر، ومساحة من الوقت. فالبناء ليس كالهدم، ويمكن البناء ببعض مواد البناء القديمة ولو مرحلياً، وإلا تحولت الثورة إلى ديكتاتورية الشارع.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على كلمة السر

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    ماعاد ينفع الكلام يابو احمد .. تكلموا العقلاء .. كتبوا الفاهمين
    شافوا بين السطور .. حلموا.. هرجوا .. كحوا .. حمحموا ..
    قرقروا .. مافي فائدة الرجال رايح جاي على شرم الشيخ
    يضرب قمبري ابو ذيل معكوف .. الى ان جاء الشعب وهو
    معطوف وصار اللي صار والله يعينه على الجاي والحمد لله رب العالمين .

  2. عرباوي كتب:

    وكمان احسنت ايها الرائع…
    الناس بحاجة الى مقالات تنويريه في هذة الأيام الغامضة … فاكمل ولا تحرمنا منها

  3. ااستاذ عبالعزيز مساء الخير مقال يستحق القراءة بتمعن وياليت الأخوة في مصر وتونس واليمن يفهمونه جيدا ويتركون سياسة الإقصاء والتشفي  والإجتثاث  والحقد ويتفرغون لبناء أوطانهم وتصحيح أخطاء الانظمة السابقة ويكفيهم استرداد الاموال المسلوبة فقط وترك الاشخاص فسجنهم لن يغير من الواقع شيئا   وفعلا كما ذكر في اخر المقال  فليكن قدوتنا نبينا عليه الصلاة والسلام               عندما قال لكفار قريش بعد فتح مكه أذهبتم فأنتم الطلقاء ( وهو شعار للتسامح حتى مع الأعداء ) اطلقه سيد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام  قبل اربعة عشر قرن            وماأقول الا ليت قومي يعلمون 

    مع STC حياة أسهل                   ‏ 

    بداية الرسالة المحوّلة:
    من: dhnaway@gmail.com
    التاريخ: ١٩ يوليو، ٢٠١١ جرينتش+٠٣:٠٠ ٨:٤٧:٥٠ ص
    إلى: undisclosed-recipients:;
    الموضوع: رسالة مانديلا إلى الثوار العرب

     

     

     

     

    رسالة من نيلسون مانديلا إلى الثوار العرب

    إخوتي في تونس ومصر

    أعتذر أولا عن الخوض في شؤونكم الخاصة، وسامحوني إن كنت دسست أنفي فيما لا ينبغي التقحم فيه. لكني أحسست أن واجب النصح أولا، والوفاء ثانيا لما أوليتمونا إياه من مساندة أيام قراع الفصل العنصري يحتمان علي رد الجميل وإن بإبداء رأي محّصته التجارب وعجمتْه الأيامُ وأنضجته السجون.

    أحبتي ثوار العرب.

    لا زلت أذكر ذلك اليوم بوضوح. كان يوما مشمسا من أيام كيب تاون. خرجت من السجن بعد أن سلخت بين جدرانه عشرة آلاف عام. خرجت إلى الدنيا بعد وُورِيتُ عنها سبعا وعشرين حِجةً لأني حلمت أن أرى بلادي خالية من الظلم والقهر والاستبداد

    ورغم أن اللحظة أمام سجن فكتور فستر كانت كثيفة على المستوى الشخصي إذ سأرى وجوه أطفالي وأمهم بعد كل هذا الزمن، إلا أن السؤال الذي ملأ جوانحي حينها هو:

    كيف سنتعامل معي إرث الظلم لنقيم مكانه عدلا؟

    أكاد أحس أن هذا السؤال هو ما يقلقكم اليوم. لقد خرجتم لتوكم من سجنكم الكبير

    وهو سؤال قد تحُدّد الإجابة عليه طبيعة الاتجاه الذي ستنتهي إليه ثوراتكم.

    إن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم. فالهدم فعل سلبي والبناء فعل إيجابي. أو على لغة أحد مفكريكم – حسن الترابي- فإن إحقاق الحق أصعب بكثير من إبطال الباطل

    أنا لا أتحدث العربية للأسف، لكن ما أفهمه من الترجمات التي تصلني عن تفاصيل الجدل السياسي اليومي في مصر وتونس تشي بأن معظم الوقت هناك مهدر في سب وشتم كل من كانت له صلة تعاون مع النظامين البائدين وكأن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتشفي والإقصاء، كما يبدو لي أن الاتجاه العام عندكم يميل إلى استثناء وتبكيت كل من كانت له صلة قريبة أو بعيدة بالأنظمة السابقة.

    ذاك أمر خاطئ في نظري.

    أنا أتفهم الأسى الذي يعتصر قلوبكم وأعرف أن مرارات الظلم ماثلة، إلا أنني أرى أن استهداف هذا القطاع الواسع من مجتمعكم قد يسبب للثورة متاعب خطيرة، فمؤيدو النظام السابق كانوا يسيطرون على المال العام وعلى مفاصل الأمن والدولة وعلاقات البلد مع الخارج. فاستهدافهم قد يدفعهم إلى أن يكون إجهاض الثورة أهم هدف لهم في هذه المرحلة التي تتميز عادة بالهشاشة الأمينة وغياب التوازن. أنتم في غنى عن ذلك، أحبتي.

    إن أنصار النظام السابق ممسكون بمعظم المؤسسات الاقتصادية التي قد يشكل استهدافها أو غيابها أو تحييدها كارثة اقتصادية أو عدم توازن أنتم في غنى عنه الآن

    عليكم أن تتذكروا أن أتباع النظام السابق في النهاية مواطنون ينتمون لهذا البلد، فاحتواؤهم ومسامحتهم هي أكبر هدية للبلاد في هذه المرحلة، ثم إنه لا يمكن جمعهم ورميهم في البحر أو تحييدهم نهائيا ثم إن لهم الحق في العبير عن أنفسهم وهو حق ينبغي أن يكون احترامه من أبجديات ما بعد الثورة.

    أعلم أن مما يزعجكم أن تروا ذات الوجوه التي كانت تنافق للنظام السابق تتحدث اليوم ممجدة الثورة، لكن الأسلم أن لا تواجهوهم بالتبكيت إذا مجدوا الثورة، بل شجعوهم على ذلك حتى تحيدوهم وثقوا أن المجتمع في النهاية لن ينتخب إلا من ساهم في ميلاد حريته

    إن النظر إلى المستقبل والتعامل معه بواقعية أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضي المرير.

    أذكر جيدا أني عندما خرجت من السجن كان أكبر تحد واجهني هو أن قطاعا واسعا من السود كانوا يريدون أن يحاكموا كل من كانت له صلة بالنظام السابق، لكنني وقفت دون ذلك وبرهنت الأيام أن هذا كان الخيار الأمثل ولولاه لانجرفت جنوب إفريقيا إما إلى الحرب الأهلية أو إلى الديكتاتورية من جديد. لذلك شكلت “لجنة الحقيقة والمصالحة” التي جلس فيها المعتدي والمعتدى عليه وتصارحا وسامح كل منهما الآخر.

    إنها سياسة مرة لكنها ناجعة

    أرى أنكم بهذه الطريقة– وأنتم أدرى في النهاية- سترسلون رسائل اطمئنان إلى المجتمع الملتف حول الديكتاتوريات الأخرى أن لا خوف على مستقبلهم في ظل الديمقراطية والثورة، مما قد يجعل الكثير من المنتفعين يميلون إلى التغيير، كما قد تحجمون خوف وهلع الدكتاتوريات من طبيعة وحجم ما ينتظرها.

    تخيلوا أننا في جنوب إفريقيا ركزنا –كما تمنى الكثيرون- على السخرية من البيض وتبكيتهم واستثنائهم وتقليم أظافرهم؟ لو حصل ذلك لما كانت قصة جنوب إفريقيا واحدة من أروع القصص النجاح الإنساني اليوم.

    أتمنى أن تستحضروا قولة نبيكم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”

     

    نيلسون روهلالا مانديلا

    هوانتون –جوهانزبيرغ

    عن جريدة الوطن الموريتانية

     
    استاذ عبدالعزيز مساء الخير ياليت إخواننا في مصر وتونس يتفرعون لإعادة بناء أوطانهم ويتركون سياسة التشفي والاجتثاث والإقصاء ويطلبون فقط استرداد الاموال المسلوبه وكذلك الأصول اما الاشخاص فليقتدوا برسولنا عليه افضل الصلاة والسلام عندما فتح مكه عندما قال لكفر قريش وهم الد أعداءه وقد عانا منهم ماعانا وأذوه ايما أذيه ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) وهذه قاعدة ذهبية للتسامح حتى مع الأعداء علمنا ايها رسولنا الكريم وياليتهم أيضاً يقرأون نصيحة نيلسون مانديلا للثوار العرب فهي قيمة وقد ختمها بقول المصطفى عليه الصلاة والسلام اذهبوا فانتم الطلقاء أتمني ان يعاد نشر نصيحته في الصحف المصرية والتونسية
     

     

     

التعليقات مغلقة.