انتظر أهالي حائل والجوف طويلاً تعبيد الطريق الذي يربط بصورة مباشرة بين المنطقتين، والعمل يتقدم في هذا الطريق من جهة الجوف بوتيرة أسرع منه على جهة حائل والسبب في ما يبدو طبيعة الأرض، والشمال كله في حاجة إلى طرق مزدوجة، خصوصاً الطريق الدولي، ولو انعمنا النظر لوجدنا أن الحكومة السعودية تبذل المال والجهود الضخمة لتيسير الحج، وقامت بتشييد بنية أساسية ضخمة في المشاعر، وتحرص على سلامة الحجاج في تلك البقعة المقدسة، لكنها تناست وأجلت تحسين الطرق الدولية الموصلة الى المشاعر، لذلك تعودنا في كل عام قبل وبعد موسم الحج على قراءة أخبار مفجعة، قتلى ومعاقون وأيتام من مواطنين وحجاج متجهين إلى مكة المكرمة أو عائدين منها، والحاج والمواطن أمانة في ذمة الحكومة، سواء كان في منطقة المشاعر أو على الطرق الدولية.
ومثلما تأتي الطرق المعبدة الجديدة بالخير والتيسير على سكان المناطق المارة بها والمسافرين، فإنها لا تخلو من سلبيات، وخلال زيارتي لمنطقتي حائل والجوف، شاهدت عمل شركات شق الطريق الجديد، ولاحظت مثل غيري الأعداد الكبيرة للسيارات التي تحمل أكواماً من الحطب، ويشكو أهالي المنطقة من هؤلاء الحطابين، ويتوقع السكان أنه لن ينتهي الطريق الجديد إلا وقد اقتلعت أشجار الغضا والأرطي على مد النظر، ولاحظت أن تلك السيارات لا يوقفها أحد ولا تتم مساءلة سائقيها، على رغم أن الجهات المعنية، أمنية وبيئية، متعددة ومتوافرة في المنطقة، ويزيد الأمر سوءاً أن بعض الحطابين يلجأون إلى اقتلاع الشجيرات من جذورها مستخدمين سياراتهم، وإذا كنا بالفعل نريد المحافظة على بيئة الصحراء فيجب تجريم الاحتطاب الجائر ووضع العقوبات المناسبة، بل الموازية للمدة الزمنية التي قاومت فيها تلك الشجيرات العطش وقلة الأمطار وبقيت صامدة.
وفي الوقت الذي نحتاج فيه للتوعية بكيفية الاحتطاب غير الجائر، والطرق المثلى في التعامل مع نباتات احتاجت عشرات السنين لتنمو، فإن إيقاع العقوبات والإعلان عنها في وسائل الإعلام وتشديد المراقبة أهم من التوعية، حتى لا نصحو على يوم تدرج فيه تلك الشجيرات على قائمة الشجيرات المنقرضة، أدعو إمارات المناطق وقوات أمن الطرق والمجاهدين وهيئة حماية الحياة الفطرية إلى التعامل بجدية مع هذه القضية، ولنجعل منها نموذجاً في إيقاف الاستغلال الجاهل والانتهازي الضيق الأفق لعناصر نادرة في بيئتنا الفقيرة أصلاً، ولن تنفع البرامج التلفزيونية ولا المطويات والكتيبات، فقط العقوبات المعلنة والعادلة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط