كل المشاهد في لحظة واحدة

أينما اتجهت بوصلة الغرب لقضية ما، يتركز الاهتمام عليها، وإذا تركتها تُهمَل. الصومال البلد المنسي أصبح في عين الإعلام العالمي، على رغم أنه يعيش منذ سنوات طوال في مجاعة وحروب أهلية وقرصنة بحار، وتحذيرٍ من ملاذ آمن لمنظمة القاعدة. ولم تنفع وساطات عربية، حاولتها السعودية وحاولتها قطر أيضاً. مفاوضات وتوقيع اتفاقات وربما حصول أشخاص على أموال تحت بند «مساعدات»، لكن من دون نتيجة بقي أمراء الحروب على ما هم عليه. تغير أشخاص وتلوّنت جماعات وبقيت الأحوال كما كانت أو أشد سوءاً.
يمثل المشهد الصومالي مآل أي بلد عربي بعد انهيار نظام حكم ديكتاتور قوي، وتدخلات أجنبية من كل حدب وصوب، فهو مشهد بنهاية مفتوحة، كأنه مسرحية تُعرض، هجرها المؤلف والمخرج «والمنتج» من دون وضع نهاية، فبقي الممثلون يرتجلون، فلا وظائف أخرى لهم. والوضع الصومالي أدنى ببضع درجات من وضع العراق، فالأخير لديه جارة «تحكمه» وتضعه في مستوى معين من الاستقرار، وفي حال من حالات الصومال الطويلة والمريرة، يماثل الوضع القائم في ليبيا الآن، الصومال في أقصى حالات الانفلات والحرب الأهلية، ومن الطبيعي أن تحدث فيه مجاعة، وهي ليست أول مجاعة، لكنها تخبر عن بؤس الإرادة السياسية العربية، وعن فشل نظام الجامعة العربية والاتفاق الذي يحكمها، وهو بؤس مسؤول عن أوضاع قائمة الآن، ومرشحة للتردي أكثر فأكثر، ولا سيما في سورية واليمن، أما ليبيا فهي في قبضة الغرب أرضاً وجواً، والسيناريو العراقي هو الأقرب لمستقبلها، وتصفية اللواء عبدالفتاح يونس مؤشر مهم ولافت لمرحلتها المقبلة.
كل المشاهد والمراحل للغزو ثم الثورات والانتفاضات والاحتجاجات والحروب الطائفية والأهلية ماثلة أمام الإنسان العربي. في كل بقعة من عالمه أو وطنه مشهد مختلف، متأخراً كان أو متقدماً، وهي تشير إلى أن التبعية للغرب كاملة، بل وخريطة طريق وحيدة، وتبعية سياسية، فحينما قرر الغرب التدخل في ليبيا تدخل معه بعض العرب، وأعطته الجامعة العربية غطاءً، وحينما قرر عدم التدخل في سورية سكتت الجامعة ومعها العرب، وحتى تركيا التي ألهبت الحناجر بالمديح والكفوف بالتصفيق مع بداية الاحتجاجات في سورية صمتت، والذي يحدث في سورية للمدنيين العزّل وصمة عار في جبين من يدعي الإنسانية، فالابن سائر على خط أبيه الدموي.
هذه التبعية العربية السياسية للغرب، معها ومرتبط بها تبعية اقتصادية تستورد الأزمات الاقتصادية، مثل استيرادها للبضائع الغربية، وتخنع للحلول ما دامت من المصدر الوحيد نفسه، وتجمدها إذا ما أراد الغرب تجميدها كما هي حال الصومال.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على كل المشاهد في لحظة واحدة

  1. ابو عروب كتب:

    مساء الخير ابو احمد

    الله يكون في عون اخوانا في الصومال وسوريا وليبيا

  2. الحمد لله من قبل ومن بعد….. كلنا سائرون لطريق الصومال مالم يغير الله حالنا من حال إلى حال

  3. alraked كتب:

    مقال رائع والزبدة في آخر ثلاث سطور واصل أيها الشهم فالكل راقدون حفظك الله

التعليقات مغلقة.