مهرجان التسول – 3

97 في المئة من المتسولين هم من غير السعوديين، هذا الرقم جاء في تفاعل مشكور من الأستاذ صالح علي التركي عضو مجلس منطقة مكة المكرمة، رداً على مقالي “مهرجان التسول 1 و2”.
وفي الرد نبذة عن تجربة المجلس في محاربة مافيا التسول وهي تجربة فريدة، ومن المهم الاطلاع عليها، وتتلخص في أن مجلس منطقة مكة المكرمة بدأ بمشروع للمكافحة انطلق من محافظة جدة من خلال التنسيق بين الأجهزة الرسمية المؤثرة في قضية التسول كالقنصليات السعودية في الخارج والأجنبية في الداخل والقطاعات الحكومية ذات العلاقة مثل الشرطة والجوازات وإدارة الوافدين وثلاث من مؤسسات العمل الاجتماعي، هي جمعية البر في جدة وهيئة الإغاثة الإسلامية والندوة العالمية للشباب الإسلامي، حيث تكفلت جمعية البر بتشغيل وإيواء موقت للأطفال المتسولين إلى حين ترحيلهم إلى بلدانهم، بينما تتولى هيئة الإغاثة والندوة العالمية إيواء هؤلاء الأطفال عند وصولهم إلى بلدانهم. كما قام مجلس المنطقة بإطلاق حملة توعية عبر وسائل الإعلام.
وحققت هذه الجهود نجاحاً ملموساً، لكنه بسيط، بسبب أن غالبية المتسولين غير سعوديين ويفدون وتتجدد موجاتهم في كل موسم إما بدعوى الحج أو العمرة. وفي نهاية رده يؤكد عضو مجلس منطقة مكة المكرمة أهمية العمل على تحقيق توجه اجتماعي عام يقتنع بفكرة أن بذل الخير له طرق كثيرة لا تمر بالضرورة عبر جيوب المتسولين.
واتفق مع الأستاذ الكريم وأحيي جهود مجلس منطقة مكة المكرمة واختلف معه في مسألة تحقيق التوجه الاجتماعي، لأنه سيحتاج إلى عقود يكون التسول استوطن لدينا بنفس الكثافة والنوعية والإلحاح، وتمت سعودته، بل أنه سيتحول إلى احتراف ومهنة وستنشأ عصابات ومافيات محلية “إن لم تكن موجودة أصلاً”.
إيجاد التوجه والتوعية أمر مهم وضروري، لكن لا يمكن الركون إليه وحده، وألاحظ أنه على رغم العدد الكبير للجهات التي قام مجلس منطقة مكة بالتنسيق بينها لم يرد اسم وزارة الشؤون الاجتماعية وهي المعنية أولاً بمافيا التسول، ولعل الوزير الجديد الأستاذ عبد المحسن العكاس يحمل رؤية جديدة لعلاج هذه القضية المدمرة اجتماعياً، وفي تقديري أن الجانب الرئيسي يقع على الجهات الأمنية إن بلادنا بلاد غنية ولديها الإمكانات في التثبت من الزائرين والمهربين والمبعدين العائدين، هذا في ما يتعلق بالمنافذ، أما في الداخل فيجب عدم التساهل في محاربة هذه العصابات. وأخيراً أرى أن هناك مسؤولية كبيرة على سفارات بلدان أولئك المتسولين. ولو قمنا بإحالتهم إلى سفاراتهم لترحيلهم، لربما لن نرى أحداً منهم خلال أشهر قصيرة، وأطالب الأستاذ صالح التركي تبني هذا الاقتراح، إلى ان يبدأ الوزير الجديد في فتح الملفات، فنبدأ بمطالبته.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.