صرير أسنان

حصل مواطن يشكو من أسنانه على موعد طبي يحل بعد ثلاث سنوات، حصل ذلك في مستشفى بريدة المركزي، كما أوردت الخبر صحيفة “الوطن” يوم الجمعة الماضي.
 واستغرب المواطن ومرافقه من طول المدة وحاولا الاستفسار ولم يجدا “آذاناً” صاغية، لأن الموعد للأسنان فلا علاقة للآذان به.
 وأنا لا أستغرب من طول المدة لأن المواعيد الطبية التي تطول أعمارها إلى تسعة أشهر، هي المدة المتعارف عليها عند بعض المستشفيات الكبرى، ولاختيار التسعة أشهر حكمة تذكرك بصبرك أول خلقك، وصبر أمك عليك في بطنها.
الذي تعامل مع التسعة أشهر يمكن له أن يستوعب موعداً يحل بعد ثلاث سنوات، وقد يكون هناك خطأ، لكن المستغرب هو أن يتوافر تقويم “رسمي” بعد ثلاث سنوات، وأعلم أن التقويم الرسمي لا يصل إلى الموظفين إلا في أواخر الشهر الأول إلى بداية الثاني من كل عام، ومن المهم ألا ننسى العلاقة الوثيقة بين “التقويم” وطب الأسنان.
إطالة مدد مواعيد المستشفيات أمر قديم، لكن لثلاث سنوات قد تبدو جديدة ويحصل فيها “طقم الأسنان” كله على دبلوم انتظار، وقد يكون دبلوماً غير معترف به، مثل كل الدبلومات التي سرقت أموال الشباب  واستغلت أحلامهم.
وأول ما بدأت تفوح رائحة الطب التجاري في بلادنا، وتبرز على السطح بدأت بمراكز الأسنان وكان التقويم هو الهدف المنشود، وانتشرت هذه المراكز بصورة مبالغ فيها، وشمل ذلك إعلاناتها عن اللؤلؤ وتقويم المستقيم، ولابتسامات ناصعة البياض، للوصول إليها لا بد من شيك على بياض.
 وكانت الفرصة ذهبية لأن الأسعار بلا سقف وللمريض أربعة جدران ولكل مركز سياسته، ولم يكن من الممكن نجاح تلك المراكز تجارياً و”تجريبياً” لولا أن مواعيد المراكز الحكومية تطول وتطول، وهي في  قصة “مستشفى بريدة” تشير إلى أن المراكز التجارية وصلت إلى أرقام كبيرة تسمح للحكومي بتحديد موعد بعد ثلاث سنوات لم يذكر هل هي كبيسة أم بسيطة. وهي صورة من صور الترحيل أو “التطفيش”، وفيها دفع واضح للاتجاه إلى المراكز التجارية بأسعارها وأساليبها المعروفة،
ولو كنت مالكاً لأحد مراكز طب الأسنان لوجهت دعوة الى هذا المواطن وقمت بعلاجه مجاناً في مقابل خبر ينشر ويقول إن مركزنا عالج مواطناً قبل ثلاث سنوات من موعده الرسمي، ويأتي ذلك في تطبيق فعلي لروح التعاون الوثيق وتبادل الأسنان بين القطاع الخاص والقطاع العام.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.