توقعات

قال لي صديقي “المشهور” إن بلادنا هي بلد النجومية السهلة، نسيتُ الآن ما كان يعلق عليه، إلا أنني أتذكر هذه المقولة كلما رأيت نجماً يصعد ثم يختفي بسرعة صعوده، ولم أستأذن الصديق وإلا لذكرت اسمه، وسأعود للنجومية في مقال آخر.
الآن أستطيع أن أضيف للمقولة فأقول:
 إن بلادنا أيضاً هي بلد التوقع السهل، يمكن لك أن تخمن أو تتوقع حدوث كثير من الأمور قبل وقوعها، ولا يستلزم الأمر منك لتصبح من “المتوقعين” ذكاء أو بعد بصر أو بصيرة، ولا معلومات سرية أو خاصة، كما لم يعد الأمر يحتاج إلى ذاكرة من نوع نادر، إنه يحتاج إلى متابعة وبعض الاهتمام بما ينشر في الصحف خلال عام، وتحدد خلاله المواسم وأبرز أحداثها وتقوم بتقسيمها على حسب الأهمية، ثم يأتي دورك في توقع الأحداث للعام المقبل، وستحدث بالنص، والاختلاف سيكون بسيطاً وغير ملحوظ، وبالتالي ستكون نجما تقول للناس ما يعلمون وهم سعداء ومندهشون من ألمعيتك.
أقول هذا بعد مشاهدة صور الحجاج الأفارقة التي نشرتها جريدة “الحياة” على صفحتها السادسة يوم الثلاثاء الماضي، وقد كتبت أتوقع حدوث هذا الشيء لأنه يحدث سنوياً ومنذ سنين فما الذي سيتغير هذه السنة، والحجاج النيجريون قضوا في العراء أياماً جنوب جدة وفي البرد، والسبب يتكرر كل سنة مرة مع عبارات مائية ومرة مع شركات طيران، ولا نعرف أين دور شركات أو مؤسسات الطوافة، ولا أدري ما فائدة دعوة المديرية العامة للجوازات الحجاج إلى المغادرة إذا كان الآلاف منهم كل سنة ينتظرون على الأرصفة لا يجدون من ينقلهم إلى بلادهم. إذا كان الذين يرغبون في السفر إلى بلادهم لا يجدون من تعاقدوا معهم فكيف بأولئك المتخلفين عن السفر وقد اختبأوا هنا وهناك، ولا يعلم الإنسان ما أسباب هذا التكرار، فهل هناك مستفيد مما يحصل ومن أين تأتي الاستفادة؟.
إن تكرار حدوث ذلك كل سنة بل وتكرار التصاريح الصحافية نفسها يدل بوضوح على فشل الأجهزة المعنية وعدم قيامها بواجباتها، إنها ترسب وتسقط “بتعبير الامتحانات” في المواد نفسها كل سنة ومع ذلك تستمر على مقاعد الدراسة على رغم ندرة الأخيرة، وإذا كانت تتعامل بأسلوب حمل المواد فهي قد حملت تلك المواد بشكل تراكمي على مدى سنين حتى لم تعد ترى طريقها.
هل يعقل هذا؟
طبعاً لا يعقل إلا في بلادنا، لذلك يمكنكم الاستفادة منه بالتوقع.. توقعوا وستجدون أن توقعاتكم ستحصل السنة المقبلة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.