كنت أعتقد أننا – نحن العرب – الوحيدون الذين لا نستطيع امتداح أحد إلا بالانتقاص من آخر، أو اتهامه بتهمة كاذبة ترفع” في نظرنا المشوش” من شأن الممدوح.
وأحمد المولى عز وجل أن اعتقادي ذاك قد اتضح عدم صحته، وأنه اعتقاد ناتج عن الحروب النفسية المركزة علينا – نحن العرب والمسلمين عموماً والسعوديين خصوصاً – حتى أصبحنا في كل صباح، نقف أمام المرآة محاولين التيقن من أننا بشر ومن النوع نفسه الذي استخلفه الله عز وجل على أرضه.
وأشكر رئيس الوزراء الهنغاري الذي دحض تلك القناعة، بتصريحه الذي وصف فيه المنتخب السعودي لكرة القدم بمنتخب “الإرهابيين العرب”، والمنتخب السعودي كان يشارك في مباراة ودية مع نظيره الهنغاري، وأراد رئيس الوزراء الهنغاري أن يمتدح فريقه فوصف أداءه بالبسالة الخارقة أمام منتخب “الإرهابيين العرب”، هذا وهي مباراة ودية فكيف لو كانت رسمية أو على نهائي؟ ورئيس الوزراء رجل سياسة يعلم أثر كل كلمة يقولها، والوصف وصل للصحافة والإعلام، فلا قيمة لتخريجات السفير الهنغاري في الرياض الذي قال إن التصريح قيل في اجتماع حصري وضيق وغير رسمي للحزب الحاكم في هنغاريا، وأعلم كما تعلمون أن للسياسة دائماً أكثر من لسان وأكثر من قول، فما يقال في العلن يقال غيره أو نقيضه في الاجتماعات الحصرية، وقيل إنها زلة لسان ويظهر أنها مثل زلة لسان بوش، عندما ذكر الحروب الصليبية وأثبتت الأحداث أنه يعني ما يقول.
ولو قيل مثل ذلك عن اليهود فربما تضم هنغاريا إلى تقرير معاداة السامية، ولن يكتفى باستقالة الرئيس ودفع تعويضات، وتلاحظون أننا أخذنا موقع اليهود “سابقاً” في الإعلام العالمي، فيما هم يتولون موقع مدير الحملات المنظمة، وكل هذا من بركات بن لادن وجماعته ومن يقف وراءه، وهو أيضاً من بركات ضعفنا وعدم قدرتنا على المواجهة منذ أحداث سبتمبر.
وقلت سابقاً إننا لا نرى نشاطاً إعلامياً لرابطة العالم الإسلامي ولا منظمة المؤتمر الإسلامي يوازي ما يحدث للعالم الذي يمثلانه، وهي دعوة إلى إعادة النظر في مدى فاعلية هاتين الجهتين، بما يواكب الهجمة التي لا تبقي ولا تذر.
وأفضل إجراء اتخذته الحكومة السعودية ممثلة في وزارة الخارجية، هو استدعاء السفير السعودي في هنغاريا، وهو أول إجراء من نوعه، فقد صمتت هذه الوزارة على إساءات كثيرة طاولت المواطنين والبلاد في الخارج، ولعل هذا المقال ينشر قبل إعادة السفير السعودي إلى هنغاريا فقد تعودنا مثل ذلك.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط