“جفايط” – 2

أعدت تسمية مسيرة “خفاف الإبل” خلال المشاركة أكثر من مرة، مرة سميتها مسيرة “خفاف الفناجيل”، ثم أسميتها مسيرة “خفاف المفاطيح”، والسبب هو كرم الأهالي المفرط قبل وبعد المسيرة، وكأن حاتم طي حاضر بكل عنفوانه، وأقول قبل المسيرة وبعدها لأنه خلال المسيرة كان هناك شح في المؤن، وتقاطر الأهالي في كل محطة ليشاهدوا الجيش، والجيش اسم أطلق على قافلة الإبل حتى إنني حذرت أصحاب “أجهزة الكنوود”، من استخدامه في اتصالاتهم حتى لا يحدث سوء فهم من احد “المتنصتين”.
 وإذا سلمت نفسك لأهالي حائل والجوف فتحمل المسؤولية، والترغيب في الأكل أو الحث عليه لدى بعض شيوخهم يأتي بصيغة الأمر،: “كل تمر”!.
 في منطقة الرياض مثلاً يناولونك فنجان القهوة، قائلين لك: “اقدع”، وهي من القدوع أي التمر، وليس لها علاقة بـ”القدعنة” المصرية، وكثرة “الحلوف” والأيمان الواقعة عليك لتناول فنجان أو مفطح هو شعار أهالي المنطقتين حائل والجوف الخفاق، وكان الله في عون معدتك، وقليل منهم عندما يضيفك لا يجلس معك على المائدة وهي عادة موجودة لدى مناطق أخرى في بلادنا، وقد يكون أصلها جاء من أيام الشح والفقر وعدم توافر الطعام. زيادة في الإكرام يترك الأكل للضيف إلى أن يكتفي… وبحسب بطنته!!، فيما يقف المضيف مستعداً لخدمة الضيف، وقد لا يأكل المضيف من تلك الوجبة وهو جائع. وكأنه يقول كلما زادت معاناتي فهي زيادة في إكرامك.
واستفدت كثيراً من الرحلة فقد علمت كم عانى أجدادنا من مشاق وصعوبة في قطع الفيافي على ظهور الإبل، وبالنسبة إليك أنت يا من تعودت على ركوب السيارات والطائرات فهي بطيئة ومملة ولا يمكن لك أن “تطق الهاجوس” على ظهورها كما تفعل خلف مقود السيارة، فهي قد ترمي بك من على ظهرها في لحظة، خصوصاً عندما تكون ممن ينطبق عليهم شطر بيت الشعر “وما كل من ركب الهجن جمّال” من أمثالي، وحتى تحافظ على توازنك على ظهر المطية يجب أن تتناغم ردود فعلك بصورة انعكاسية مع حركتها، وعندما تسير المطية يجب أن تندمج حركاتك مع حركاتها، وركوبها “يفصفص” العظام فهو أفضل مساج يمكن الحصول عليه وستعاني منه لأيام مقبلة، وإذا سقطت من على ظهرها” وهو المتوقع “فأنت المسؤول.
وسياحة الصحراء مشجعة والمهم أن تبدأ بالطريقة الصحيحة وألا تتحول إلى وكالة من وكالات الحج والعمرة، أقول هذا بعد أن جربت الافتراش على رمال الصحراء.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.