الإنكار يحكم العرب

قبل غزو القوات الأميركية والبريطانية للعراق بفترة قصيرة، وحينما كانت المؤشرات واضحة المعالم ظهر الرئيس «آنذاك» صدام حسين في لقاء تلفزيوني مع محطة تلفزيونية أميركية، وقال بثقة عجيبة للإعلامي انه سيلتقي به بعد عام في هذا المكان، إشارة لبقائه صامداً لن يمسه «والعراق طبعاً» سوء، بعد عام كانت بغداد تحت وطأة احتلال قبيح استبيح فيه إنسان العراق ومقدراته وصدام طريداً هارباً لحين إعدامه في عيد الأضحى المبارك، «الثقة» التي صبغت حديث صدام هي نفسها التي برزت في خطابات مبارك والقذافي منذ سقوط ابن علي في تونس وتوّجها الأخير بقناعة عجيبة أن كل الشعوب تحبه، وستنهض للدفاع عنه، وهي أيضاً التي سمحت للرئيس اليمني علي عبدالله صالح بتعدد المناورات حتى حصل على أفضل اتفاق بين المخلوعين. وفي حين احتاج إسقاط صدام واحتلال العراق لغزو عسكري مباشر مكلف، دون تفويض لا من أمم متحدة ولا مجلس أمنها، لم يستدعِ إسقاط الآخرين كلفة باهظة، سوى التهيئة المناسبة، واستثمار نقاط الضعف المتعددة. ومنها تلك الثقة نفسها فهي دلالة على حالة إنكار مستعصية للأوضاع المحيطة أو المستجدات، تبدو ظاهرة في خطابات رأس السلطة، وجذورها متأصلة في دائرته الضيقة ترويها وتغذيها، الثقة تخف تدريجياً كلما اتسعت الدائرة لتتلاشى حينما تصل أقصاها في دائرة الشعب، فالثقة هنا بالقوة والشعبية ثقة مزيفة لكنها وطنت الاطمئنان، وأسست لحالة الإنكار.
الحالة نفسها تعيشها سورية، رغم أن الطوفان وصلها متأخراً بقي الانكار هو الشعار الرسمي المعلن من نظام بشار الأسد وهو يبلغ ذروته في الإعلام السوري سواء في الأخبار أم انتقاء ضيوف البرامج الحوارية ممن يتصدون «للهجمة»، وإذا كان كل عاقل يحاذر ويخاف من اندلاع حرب أهلية في سورية، فإن حديث وزير خارجية قطر الأخير لمحطة فضائية، فيه حقيقة للأسف، حينما قال «قد لا يكون هناك مفر من حرب أهلية في سورية»، وهي بالفعل على مفترق طرق أعرضها حرب أهلية «لاقدر الله»، فحتى لو سلّمنا بوجود مؤامرة خارجية فإن أساسها وجذورها ضاربة في عمق الداخل عنوانها الاستبداد، والاستئثار بالموارد، هذه المؤامرات الداخلية «الصغيرة» هي المنشأ والأصل والولادة لما يحاك من مؤامرات خارجية، لكن «الولادة» قد تحتاج أحياناً «لقابلة» خارجية، والمولود سيرحب، وحينما تنتزع ثقة الداخل من السلطة على مدى عقود يصعب استعادتها في أشهر، ومن العجيب في العالم العربي أن «الفوضى الخلاقة»، و«حرب الأفكار» أعلنت قبل أعوام، ولم يتدارك احد الأمر، ربما توقعات خبراء الأنظمة السياسية ومستشاريها الاستراتيجيين انحصرت في الأساليب التقليدية للإطاحة بالأنظمة، وربما هم يعيشون حالة إنكار استشاري… واستراتيجي!
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على الإنكار يحكم العرب

  1. نادية كتب:

    السلام عليكم سيد عبد العزيز
    حقيقة انا مااحب السياسة بس مضطرة لان حياتنا كلها متعلقة بهاوحاليا صارت الارواح وبقاء الانسان معتمد عليها كمان ,ومجبورين نقراء ونحلل ونستنتج ونحسبن على الطغاة وندعوا الله يشيلهم باسرع وقت من برك الدماء الى شايفينها
    وفعلا كل ما رئيس طلع قال انا جالس ويتكلم بثقة انتزع وهذا مؤشر طيب لنا وبشرة خير والله يكون فى عون الاخوة السوريين على بلواهم

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    البطانة .. البطانة يابو احمد الله يسلمك كانوا يقولوا لهم كله تمام والامور ماشية مظبوط
    وهذولا اللي قاعدين يبربروا كذابين وملاعين ومن اعداء النجاح .. والشجرة المتزهزهة
    يرميها الناس بالحجارة ومن هذا الخرط اللي وداهم في ستين داهية .. والاخوان قال
    عقلهم سووا براد الشاهي والتعميرة والفصفص وهاتوا دستة البلوت وهات يالعب
    حكم صن مية اربعمائة سرا مع البلوت بس ومادري الاخ الا والباب يندق .. من انتم
    والثاني فهمتكم .. والثالث يكح .. البطانة يابو احمد ماهو البطانية البطانة هيا اللي ودتهم
    في ستين دهية .. الى ان صارت الامور ملوخية بالتطلي مع حلاوة لدو وشكرا

التعليقات مغلقة.