جينات الديكتاتور

مشكلة الثورة السورية أن لا قائد لها، ليست هناك شخصية قيادية تتطلع لها الجماهير الثائرة، ومع القمع الأمني الممنهج المدروس لا حشود بشرية تقوم بالمهمة كما حدث في مصر وتونس، وكان من سوء حظ المتظاهرين السلميين في بداية الأزمة أن نصّب عليهم أكاديمي، أو مفكر معروف بالكتابة وحضور إعلامي في هذا النطاق، وهو من سوء حظه أيضاً، برهان غليون كان خياراً خاطئاً لم تخطئه العين، فلا هو بالسياسي المنشق صاحب الشعبية الجماهيرية في الداخل، ولا تتصف شخصيته بالسحر الجماهيري، هو رجل جامعة وثقافة في هذه الحدود دون كاريزما مطلوبة، حتى حين يخطب يبدو عادياً، يغوص في الورق الذي بين يديه. ولو قامت الولايات المتحدة بمحاولة خلع صدام حسين دون غزو وتدخل عسكري، وجاءت بالجلبي (مع الفارق) لما أحدث فرقاً عند الديكتاتور صدام حسين ولبقي صامداً مهما كانت التكلفة البشرية.
كأني ببشار الأسد وفريقه السياسي والأمني سعداء بالاختيار، وبالنسبة للغرب، الولايات المتحدة وفرنسا، المسألة تجريب والميدان أرواح والسوريون وممتلكاتهم، وإطالة أمد الأزمة/ الثورة تصب في مصالحه، إنه وسيلة مناسبة لمزيد من تعظيم المكاسب وتوليدها واقتسام الغنائم مع الكبار الآخرين المتمنعين.
بعد إدلائه بصوته على الدستور الجديد تحدث بشار الأسد للصحفايين في دمشق عن الإعلام ثم قام بمقارنة بين الإعلام الرسمي والخاص، وعلى طريقة الأستاذ في شرحه للطلاب فصل وهو واقف على الدرج وجهة نظر في الفرق بين هذا وذاك، مؤكداً أنه قوي على الأرض ويسعى للقوة في الفضاء «الإعلامي»، وزَّع طبيب العيون وبجواره حرمه الابتسامات بغزارة على المحيطين من أمن وإعلاميين، ولم تظهر على وجهه شعرة تأثر أو أثر لما يحدث في حمص وغيرها من مناطق سورية من قصف بالأسلحة الثقيلة وقتل للمدنيين، بالنسبة للأسد الهجمة إعلامية والخصم هو الإعلام، لا قيمة لكل تلك الأرواح التي تزهق والخراب، الديكتاتور هو نفسه، سواء لبس بدلة عسكرية أو مدنية، سواء كان عقيداً ثائراً، أو وريث انقلاب برداء طبيب عيون، فكيف إذا رزق بمعارضة سياسية بهذه الصورة، معارضة لا ترقى لمستوى ما يحدث في الداخل السوري.
يعتقد بعض المراقبين- وبينهم سوريون- أن نظام الأسد سينهار دفعة واحدة وبشكل مفاجئ حتى للثوار أنفسهم، ويجزم بعضهم أن ذلك قد يحدث في أي لحظة، الرهان على الوقت من الجانبين وأرقام القتلى في ازدياد، فالمدنيون هم من يدفع الثمن وهم من يحصل على الفتات حينما تضع الحرب أوزارها، ويبقى الديكتاتور الطبيب مبتسماً بكامل أناقته، لم يصل الأمر بعد لأن تظهر شخصيته الأخرى على الفضاء الإعلامي.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على جينات الديكتاتور

  1. محمد الخميبس كتب:

    صدق فالاعلام اليوم غير الأمس ايام جرائم والده لم نكن نعلم أن اسمه حافظ الجحش ولم نتأكد من مذابح حماه الا بعد وفاة الأب الاعلام سيقتلعه من جذوره ولكن الثمن باهض جدا في مقابل مستقبل زاهر لأهل الشام نعم اختيار غليون أكبر خطأ ارتكبته المعارضة ماذا لو كان نائبه المعارض خدام ربما تغير الوضع كثيرا

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    والله من جد شئ غريب .. الان يابو احمد لو فرضا راح واحد مننا لعزومة من خلال دعوة
    ومالقي من اهل الدعوة وجه طيب يعني بالعربي مااستقبلوه استقبال طيب .. الرد الطبيعي
    يحط احرامه على كتفه ويمسك الباب .. طيب والواحد فينا في بيته ومن ضمن الامور التي
    يوصى بها اذا كان البيت فيه مشكلة وحدثت مشادة ومن اجل عدم تطور الامور ينصح
    بأن يقوم احد الطرفين بالابتعاد عن البيت .. وهذا من افضل الحلول..
    هذا الفشار مايفكر شوية ويحسبها صح يطلع بني ادم خلي العالم تسوي انتخابات تسوي
    امورها بنفسها يجيبوا ان شاء الله راعي بنشر يحكمهم .. وهذا يقول لك عصابات مسلحة
    يضحك على نفسه والا على العالم .. الله يكون معين لشامنا الحبيب .. وماندري الدور على
    مين والله شئ يطفش .. من جد سنة كبيسة وشكرا

  3. عاصفة الصحراء كتب:

    السلام عليكم ..
    الارض تنتفض ، ودماء السوريون تغلي ، والشرخ يزداد تباعاً مع نزف الدم، الانفجار البركاني وحمم دماء السوريون الابرياء ستحرق كل من هم في قمة – فوهة – البركان ، بإذن الله ستحترق بدلة الانيق ، لن ينفعه ان يحيط به من هنا رفيق ومن هنا رفيق ،
    شرخ الانشقاقات بدأ يتصاعد من باطن الثورة الى فوهة السلطة ، يقترب شيئاً فشيئاً من طبيب العيون الاعمى ، صحيح انه لم يرى ما قد حصل في حمص وما جرى ، مع هذه المشاهد الدموية يزداد تمسك الثوار السوريون الاحرار بثورتهم من جهة ، وفي طلب الثأر من الديكتاتور وازلامه من جهة اخرى.
    في كل مرة يتوسع نظام الطاغية بشار – الجحش – في القتل وسفك الدماء السورية الطاهرة ، تتسع دائرة الخصوم ، وعند الله تلتقي الخصوم .
    عند ذبح الشاة فإنها تنافح – وتكافح – من اجل الحياة ولكنها في النهاية تكون قد استنزفت كل طاقاتها ثم ماتت ، هذا هو حال الديكتاتور الذي امعن في القتل وازهاق الارواح البريئة ، لا يعلم الدكتور – الديكتاتور – انه يستنزف طاقاته كالشاة وفي النهاية
    يموت مذبوحاً كما تذبح الشاة ، الايام القادمة كفيلة باظهار التاريخ الجديد لسوريا العربية ، سوريا الابية ، سوريا الممانعة الحقيقية،تسقط سوريا الشللية وتحيا سوريا العربية .

    تحية لك استاذي الفاضل ابو احمد ولقرائك الكرام وللشعب السوري الحر نصرهم الله قريباً.

التعليقات مغلقة.