بنك (التسويف)

أقترح على وزارة المالية إعادة النظر في اسم بنك التسليف، والسبب أنه ليس بنكاً ولا يسلّف إلاّ بعد طلوع الروح، وقبل أكثر من عام صرح أحد المسؤولين في البنك عن تطويرات كبيرة في عمل هذا البنك واستبشر كثير من الشباب من محدودي الدخل والذين بلا دخل أيضاً استبشروا خيراً، لكن لم يخرج الأمر عن مجرد تصريحات لم تنفذ على أرض الواقع، ووقتها كتبت عن الحاجة الماسة لتنشيط دور البنك كما يفترض فيه أن يكون وحسب المهام الموكلة إليه ولكنه لا زال عبارة عن إدارة مالية في أكثر أجهزة الحكومة بيروقراطية، صديقي قرر أن يرمم منزله ففكر في بنك التسليف ومذن أن بدأ مشواره للحصول على القرض الصغير والذي لا يتجاوز عشرين ألفا وهذا هو الحد الأقصى لعملية الترميم في مفهوم البنك وهو لا زال مفهوم “الحوي” أقصد بيت الطين الشعبي، فماذا تفعل عشرون ألفاً في ترميم هذه الأيام؟ وليست القضية هنا فقط، بل احتاج صديقي إلى ثمانية أشهر إلى أن صرف له هذا المبلغ اليسير، وقبل الصرف، تم “تصريفه” أكثر من مرة، واحتاج للذهاب للعمدة مرتين وإحضار كفيل يكفله لدى البنك أكثر من مرة، وأطرف ما في الأمر أن بنك التحسير كما أصبح صديقي يطلق عليه، طلب تقريراً من البلدية عن حالة منزله، وإذا بالبلدية لا علم لها بمثل هذه الأمور، لكنها تعاميم أكل عليها الدهر وشرب، والبنك بطريقة تعامله وعمله مظلوم بهذا الاسم الذي ” يخب” عليه، والمشكلة أن المواطن يصدق الاسم ويذهب إلى هناك متوقعاً أسلوباً وطريقة أقرب إلى البنوك، ولا أشك أن العاملين في بنك التسليف أو التسويف يعانون من إطلاق مسمى بنك عليه، وهو على هذا الوضع الإجرائي القديم، والناس ينتظرون أكثر من بنك تقوم بما يجب أن يقوم به بنك التسليف، وأحوال الناس لا تخفى على من لديه بعض من الحس، ومن الطريف أن البنك الذي يعيش على تحصيل القروض السابقة يتعب بعض المقترضين حتى يسددوا ما عليهم بسبب الأحوال الإدارية التي يعيشها، وصديقي مثلاً عندما وصل إلى نقطة الصرف قيل له أن يحضر بين الساعة الثامنة والتاسعة والنصف صباحا، هذا الوقت فقط هو وقت الصرف وكأن المال في مغارة علي بابا التي لا تفتح إلاّ في ساعة معينة، ثم تطور البنك وأوكل أمر التحصيل والصرف للبنك الأهلي!!، دليلاً على عدم قدرته على مواكبة التطور وحاجات الناس، لكن الإجراءات المعقدة بقيت على حالها، وكان الحلم أن يقوم بنك التسليف بدوره الطبيعي، هناك آلاف من الشباب من الجنسين الذين يحتاجون إلى قرض صغير يبدؤون به حياتهم بدلاً من انتظار الوظيفة الحكومية أو وظيفة القطاع الخاص التي لا تأتي، فمتى يصبح بنك التسليف اسماً على مسمى، بنك التسليف بوضعه الحالي هو مجرد صندون صغير تحت إدارة كبيرة، والمسمى ليس مهما المهم خدمة الناس المحتاجين بأيسر الطرق.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.