الداخل أولاً

استغرب من بعض زملاء كتّاب ممن يتناولون «خاصة» الشأن السياسي ودعواتهم للانغماس في قضايا خارجية ونحن أحوج ما نكون إلى الانصراف بكل جهدنا وطاقتنا إلى قضايا الداخل وإعطائها الأولوية والاهتمام المناسبين. صحيح هناك مصالح في الخارج لا بد من الاهتمام بها، لكن هذا لا يبرر ما يطرح أحياناً في بعض ما يكتب، من حضّ وترغيب مندفع، لتخطي قضايا محلية ملحة إلى أخرى خارجية. المرحلة التي نعيشها مع أخطار لا يخطئها المبصر تحتاج إلى مبادرات إيجابية تتناول همومنا الداخلية وتفتش بعين فاحصة ملفاتها، وأول هذه الملفات تقصي قضايا المظالم والمظلومين، سواء كانوا في السجون أو خارجها لفتح صفحة جديدة بقوة العدل وأيضاً الرحمة، وفي قضايا أقل تعقيداً الدولة قادرة على البذل مثل قضايا غير القادرين ممن أدخلتهم إلى السجون حقوق خاصة أو عثرات بسيطة، ونحن على مشارف شهر رمضان المبارك تتوافر فرصة ذهبية ينتظر استثمارها لطي هذا الملف وملفات أخرى لا يعرف إلى أين وصلت حلولها المعلنة، للدفع بها وتوخي نتائج إيجابية. فعلى رغم كل الحديث عن الفقر لا يعلم من جهات معنية به ماذا قدمت وإلى أين تقدمت؟ وهل هي تسير في الطريق السليم أم أن في المخفي صدمات جديدة! وملف البطالة أيضاً الحاضر دائماً وهل الحلول الموقتة المطروحة الآن كافية مع عشرات الآلاف من خريجين ومبتعثين مقبلين بحثاً عن فرصة عمل. ليست كل القضايا يتكفل الزمن بحلها بل إن بعضها يزيدها مرور الزمن تأزماً.
* * *
ما زلت أتذكر كيف كنا قراء صغاراً نتداول نسخاً مقطعة من الكتاب الثري «من شيم العرب» لفهد المارك رحمه الله تعالى، في بواكير الإطلالة على القراءة الحرة. جانب آخر من شخصية فهد المارك لم يلق حظاً من الاهتمام الذي يتناسب معه، فهو قائد للفوج السعودي الذي حارب إلى جانب الفلسطينيين في حرب 1948، وهو حمل القضية الفلسطينية بكل صدق وشجاعة حتى وفاته، وهي القضية التي باع واشترى فيها الكثير من العرب. أخيراً التفتت حكومة فلسطين لمآثر المرحوم الأستاذ فهد المارك وما مثّله دوره السعودي في قضية فلسطين، فتم إطلاق اسم «المناضل السعودي فهد المارك» على مدخل مدينة طولكرم. وقال السفير الفلسطيني في الرياض: «إنها رسالة وفاء من الشعب الفلسطيني إلى الشعب السعودي». لفتة يشكر عليها الإخوة في فلسطين، وهي تعيد تسليط الضوء على واجب التكريم للرجل وأمثاله في بلادنا، ومن العجيب أنك ترى مجتمعات أخرى تبحث عن رموز لها لتنفخ فيهم الروح وتصنع من حولهم هالات، في حين أننا نقصر في حق من يستحق ذلك من أبناء الوطن.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على الداخل أولاً

  1. الاستاذ عبدالعزيز سلمه الله
    نهنكم بشهر رمضان المبارك انتم والاسره الكريمة
    ولك فائق التقدير على اختيار ( الداخل اولأ) الحقيقة اننا في وضع مزعج للغاية بشان من اوقف وفقد العاطفة والرحمة من المجتمع بشكل عام ولم يظهر حلول جوهرية لمعاناة الفقراء والبطاله التى تتفاقم بشكل كبير
    املآ في الله ثم الملك وولي العهد بالنظر بعين العطف والرحمه لشعبهم النبيل الذي قل في العالم وجود مثله من حيث الولاء والطاعة المطلقة والوطنية .
    رحم الله فهد المارك وجميع شهداء الجيش السعودي الذين دفعوا دماهم الزكية في ارض فلسطين

  2. سليمان الذويخ كتب:

    في الصميم
    كلا الجزأين من المقال
    لك التحية وافية

  3. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    استغرب من بعض زملاء كتّاب ممن يتناولون «خاصة» الشأن السياسي
    ودعواتهم للانغماس في قضايا خارجية ونحن أحوج ما نكون إلى الانصراف
    بكل جهدنا وطاقتنا إلى قضايا الداخل وإعطائها الأولوية ..
    (تدري ليش يابو احمد عشان يقولوا عنه بس محلل سياسي )
    وكل سنة وانت طيب ياسيدي يابو احمد بمناسبة شهر رمضان الكريم اسأل
    الله العلي القدير لكم ولنا واخواني القراء وللامة الاسلامية جمعاء الصحة
    والعافية ورحم الله من لم ينعاد عليه هذا الشهر الفضيل واسكنه فسيح
    جناته اللهم امين وشكرا

  4. عبدالعزيز الهزاني كتب:

    تحياتي سيدي العزيز عبدالعزيز.. “كل رمضان وأنت بخير”
    أعتقد المذهب فى هذا المؤاثرة على النفس .. بأن “يفكر” فى أبناء جاره الجوعى…على أبنائه…! وكمن يحلم “..يتمنى..” بعشرين مليون وما عنده حق بنزين سيارته..؟ وجحا قد نال حق الفكرة … بأن أكل الخبز على رائحة شواء اللحم.. فخاصمه صاحب الشواء على أجر رائحة الشواء….؟ ولا أعلم هل فعلا أستمتع جحا بالاكل أم هو التمنى بدرجة أعلى…كبعض أخواننا الوافدين حين يصور بجانب سيارة فارهة ويرسلها لأهله… وقد يكتفى البعض بترجمة اونقل فكرة وصياغتها بلهجة محلية مع شوية مصطلحات على “ملطة” شنب و ” يشخص” بعقاله مع المقال.طبعا الابداع فى الديكور متعدد الالوان والاشكال…؟ لكن الابداع فى المذهب والفكرة والريادة , على مبدأ ؟ “……”.
    وطي المارك الا مثال على هذا..؟
    والقضاء لغة تعني أحكام الشئ “وأتمام” الشئ , والقاضي :القاطع للأمور. أما عالمي: فلم أجد ما يربطها بحكم وأتمام الامور لغة, وكما يبدو لى بأن البعض قد وجد.. . ومن أعتل بمخاصمه … فليس له ألا الاكل على رائحة الشواء..! كجحا ..؟ أن أستطاع.. وتبقى حقوق الفكرة لجحا البطل المغوار….
    كل التحيات سيدي أبو أحمد

التعليقات مغلقة.