«مسعفون وحنشل»!

صورتان تختزلان المشهد: الأولى لشباب رائع وقف في صف للتبرع بالدم، والثانية لآخرين يبحثون بين الركام عما غلا ثمنه. إنها صور تعبر عن الخير والشر، الحضارة والتخلف، وفي حالة استثنائية مثل انفجار شاحنة غاز مع ضحايا بالعشرات، وحطام مبانٍ بلا أسوار وجد البعض بغيته، أثبت هؤلاء أن الأسوار فقط هي ما يمنعهم من السرقة علانية، ومثلهم سينظم إلى أي «جماعة» أو عصابة سيطرت عليها عقلية القطيع، أما تحت الحطام فلا يعلم هل هناك أنين أرواح تبحث عن منقذ؟
الحالة استثنائية والجريمة استثنائية، وهي تحتاج من صاحب القرار وقفة استثنائية تتميز بعقوبات استثنائية سريعة، بخاصة وأن الشرطة صرّحت بالقبض على عدد من لصوص الانفجار. لم يرغب المتحدث الرسمي لشرطة الرياض بالاستفاضة في الحديث، يبدو أن نفسه «انسدت» مثل نفوس الغالبية.
إذا «تشلّخ» النظام سدت شقوقه الفوضى، وهي تعتليه إذا «تخشّب» لتصبح هي السائدة، وهناك فئات فوضوية ضالة غير تلك الإرهابية المتخصصة بالتفجير. هذه الفئات تتفجر مواهبها بالتقسيط وتحترف بتراكم الخبرة، وهي من جنس الفئات التي تضرب النظام بعرض «الطبلون» سرعة وتفحيطاً واستهتاراً بأرواح الناس، وهي نفسها الفئة التي تضرب بعرض الحائط صحة الناس بسلع فاسدة، وهي نفسها الفئة التي تطاول بنيان إنجازاتها الشخصية بمواد من الفساد على حساب العموم.
هي نفس الفئة وإن تعدد طبقاتها، ونحن إما أن نجعل الذين وقفوا ينتظرون التبرع بالدم ورفاقهم ممن حرسوا محلات أصبحت مكشوفة بفعل الانفجار، أو نظموا السير وساعدوا في الإنقاذ، وهم الأكثرية وأمل الوطن، نجعلهم بالتراخي رهينة لفئة «الحنشل» وقطاع الطرق هذه، أو نتتبعها لتُوقف عند حدها. أما الذين برروا أو شخصوا حالات سرقة بالفقر فهم في الحقيقة ظلموا الفقراء ولا يعرفونهم عن قرب، في حين أن الذين اعترتهم الدهشة مما حدث بعيدون عن واقعنا، وما أكثر البعيدين عن الواقع والمبتعدين عنه، وفي مقدمهم أجهزة حكومية علاها الصدأ.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

9 تعليقات على «مسعفون وحنشل»!

  1. بن جويعد كتب:

    الحمد لله انهم امسكوهم والخطوة القادمة تعليقهم في نفس مكان الحادث ليكونو عبرة .. ففعلهم لا يقل فضاعة عن فعلة قطاع الطرق بل فعلهم افضع ,, فقطاع الطرق خارج المدن وفي الظلام الدامس ,, اما ما شاهدناه ففي عز النهار وبقرب رجال الامن ..

  2. الاستاذ عبدالعزيز سلمه الله
    انهم ليسو مسعفون بل فضوليون ناقصين عقل ودين واغلبهم من الاحياء الغير مريحة شرق العاصمة.

  3. فهد العوهلي كتب:

    أجدت كالعادة ابا احمد.. الا تعتقد ان هؤلاء الحنشل هم ذاتهم غزاة ومخربي اليوم الوطني، والذين غُض الطرف عنهم حتى إستمرئوا الفوضى والتخلف والسوقية؟

  4. المصيبة لو ان هؤلا مستقبلا مسكوا مناصب فسوف تنشغل نزاهه بهم بالرغم من انشغالها

  5. حنشل وحنشل وحنشل البلد اصبح منشل

  6. عبدالله البابطين كتب:

    شكراً أبا أحمد
    شباب رائع وقف في صف للتبرع بالدم، هم فخرنا وأملنا بعد الله
    وآخرون يبحثون بين الركام عما غلا ثمنه , هم الحنشل كفانا الله شرهم
    الحالة استثنائية والجريمة استثنائية، وهي تحتاج من صاحب القرار وقفة استثنائية تتميز بعقوبات استثنائية
    كم آلمني منظر الحنشل .. حتى أفسد علي فرحتي بمتبرعي الدم والمسعفين والمنظمين تطوعاً .. أو كاد !!

  7. الحنشل بحاجة إلى يد حديدية مع جاهزية وسرعة في التحرك .. أما الحنشل الأخطر فيعيش او يعيشون بيننا ويقومون بالعمل نفسه الذي يقوم به زملائهم وفي وضح النهار وهم الاخطر في إعاقة تنمية البلد .. وهم الآخرين بحاجة الى من يوقفهم عند حدهم .. ولكن كيف ؟

  8. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    لا نبرر يابو احمد .. لكن في كلتا الحالات وقبل انزال العقوبة الصارمة
    ودنا نسأل هولاء قاموا بفعلتهم ليش ..وقبل مانعاقبهم نمسك المحسنين
    من المتبرعين ونضع لهم صورا في اعلى الساحات ونكرمهم من قبل
    اعلى السلطات .. والله مصيبة اذا كانوا سعوديين ومن ابناء البلد من قاموا بالسرقة
    وشكرا

التعليقات مغلقة.