في صحيفة “عكاظ” علق د. حمود أبو طالب على ما نشر في جريدة “الاقتصادية”، وصحف أخرى عن الدجاج الفاسد والأدوية المنتهية الصلاحية، وقال إن هذا يذكره بالأفلام المصرية، ولست بعيداً عنه فهذه الظواهرالتي تكاد تتحول إلى سمات في سوقنا تذكرني في الحقيقة بما كان ينشر في الصحف المصرية، خلال فترة ما يسمى بالانفتاح الاقتصادي، وفي تلك الفترة كانت السوق المصرية معذورة إلى حد ما لأنها كانت شبه مغلقة ثم انفرجت.. على مصراعيها، في حين ان اقتصادنا لم يكن مغلقا لينفتح، وفيما حاولت بعض الدول استنساخ التجربة اليابانية او الالمانية ونجح بعض منها، قمنا نحن باستنساخ التجربة المصرية بكل ما فيها من سلبيات ليس في الاستيراد وحده بل في كل النواحي، وأتذكر كيف كنا نصاب بالدهشة من قدرة التجار الفاسدين هناك على بيع منتجات منتهية الصلاحية او تكاد تعدم في اوروبا لعدم صلاحيتها للاستهلاك البشري، ثم اصبحنا نعيش هذا الواقع، لكن التجربة المصرية مثل ما كان لها سلبيات فيها امور ايجابية، ففي ذلك الوقت كانت الصحف تنشر عن تجار “البتلو” و”اللانشو” و”الفراخ” الفاسدة وكانوا يحاكمون وتصدر عليهم أحكاماً قضائية بعضهم يستطيع الهرب بعد ان اصبح مليونيراً وبعض آخر تم سجنه، واسماؤهم كانت على كل لسان اما شركاتهم ومؤسساتهم فقد توارت على الانظار، ومعظم هؤلاء كانوا من تجار الانفتاح اي طارئين على هذه الصنعة فهم من شرائح استفادت بصورة او اخرى و”هبرت” ثم هربت، وبيوت التجارة الحقيقية لا تتهاون في مسائل من هذا النوع.. كما أظن!؟، لكننا أثناء نقلنا لهذه “التقنية” وتوطينها في بلادنا أضفينا عليها سمة المحافظة التي جُبل عليها مجتمعنا الأشم، فلا يمكن ان ترد اسماء لا لشركات ولا لأفراد، بعضهم يقول ان هذا حماية للمنتج الوطني ومحافظة على استثمارات ضخمة؟، وهذه كلمة حق يراد بها باطل، لأن الحماية لن تتحقق بالتستر، بل ان الفساد سوف يزداد لأن من امن العقوبة أساء الأدب، خصوصا اذا اخذ في الاعتبار ان تجربته جعلته خبيرا بالدهاليز، وأعجب بالشجاعة التي عليها المسؤولون في بلادنا عندما يعلنون عن مداهمة مستودعات وتحفظ على لحوم ودجاج واتلاف ادوية بالاطنان ولا يذكرون اسماء، ولا شك ان هذا يدل على قدرات مدهشة تجعلهم عندما يعودون الى منازلهم ينامون نوما عميقاً، وقضية حليب الاطفال الفاسد الشهيرة باطنانه التي غيبت في طي النسيان خير شاهد على النوم، فلم نقرأ أو نسمع عن أحكام صدرت ولا يعلم إلا عدد محدود عن حقيقة ما يجري في مستودعات جدة والرياض، ومع هذه الصور الحالكة ارى جوانب إيجابية، فاذا كانت المعدة المصرية مشهورة بانها “تهضم الزلط” واجهزتنا الهضمية ناعمة رقيقة فقد يكون الهدف اكتسابها متانة وقوة لتصبح بحق مختبرات متنقلة للجودة والنوعية، مثلما هو وضعنا مع الأصلي والمقلد والأسعار والتخفيضات، فهي سلسلة واحدة، وإذا اردت أن تسلم أنت ومن تعول فلابد ان تكون تحرياً لتعرف ان الدجاج الفاسد هو من النوع الفلاني والدواء الذي صار داء هو من الصنف العلاني، لأن في هذا اعتماداً على النفس وهو تهيئة هامة لندخل إلى منظمة التجارة العالمية ونحن في أنشط حالاتنا!؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط