لا عميان ولا أغبياء… بل أمر آخر!

بعد إعلان الاتفاق بين مجموعة (5+1) وإيران حول الملف النووي، تجب العودة إلى تصريح وزير الخارجية الأميركي الذي لم يحظ باهتمام مستحق عربياً حين قال: «لسنا أغبياء ولا عمياناً». التصريح صريح شفاف كأنه يقول بالمختصر المفيد: «تعلموننا شغلنا؟»
هناك وهم يسيطر على البعض بأن الولايات المتحدة لا تعي مصالحها، ومنهم عرب يحفل الإعلام بهم، ومنشأ هذا في تقديري – مع إحسان الظن – ناتج من وهم آخر، وهو أن مصالح هؤلاء أو بلدانهم متطابقة بالضرورة مع مصالح الولايات المتحدة، وهذا الأخير- ظاهرياً – مستولد من التصريحات والمشاريع الاستهلاكية التي تروّج لها سياسات واشنطن الخارجية وإعلامها، مثل الديموقراطية وحقوق الإنسان، ومنع إيران من الحصول على السلاح النووي، والأرض مقابل السلام في فلسطين، وما هو معلوم من المعزوفة الممّلة.
وكلما انكشف أن سياسة واشنطن الخارجية في المنطقة العربية ضد المصالح العربية، ارتفعت أصوات الوهم تلك، حتى حينما غزت القوات الأميركية العراق معززة بالبريطانية واحتلته، ثم حطمت وسرّحت ما بقي من الجيش العراقي، وحشرت خصوم نظام طهران من الإيرانيين في معسكر مغلق، قال أهل الوهم القول نفسه، وبعد تسليم العراق إلى إيران كرّروا المقولة مع الاستمرار في دعم إعلامي لديموقراطية نوري المالكي في بغداد!
كيري بطلَّته البائسة كان صادقاً. واشنطن ليست غبية ولا عمياء، بل هي مستمرة في تنفيذ الخطة نفسها التي بدأت في العراق، لكن مسوقي سياسة واشنطن في المنطقة يستمرون بضخ الدماء في الآمل الأميركي، على رغم كل التعري في سياسة واشنطن والغرب، فهل إصرار جماعة التسويق تلك جزء من الوهم أم جزء من العمل؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على لا عميان ولا أغبياء… بل أمر آخر!

  1. اعتقد .. وربما هو الصحيح ان من يطبل وبكل وقاحة بان مصلحة امريكا تذوب في مصالحنا اي توازي مصالحها الاستراتيجية بعيدة الامد .. اقول من هم يرددون ما تقوله امريكا حول حل مشاكلنا لم ياتوا من فراغ او يطرحون وجهة نظرهم ( ان وجدت عندهم وجهة نظ اصلا ) بل هم مجندين لهذا الغرض فهم يدافعون عن مصالح امريكا حتى لو جاءت ضد مصلحة بلدانهم ورموزها كثيرون .. ليتهم يعتبرون بما يؤول اليه اصحاب الفكر و الاعلاميين في الدول المتقدمة مثل اوربا انه مهما اختلفوا في وجهات نظرهم الا انهم .,. لا.. ولن .. يحيدوا .. ويفرطوا بقيد أنمله تمس بلدانهم من اي جهة كانت خارجية او داخلية ..

  2. خمسة زائد واح يساوي سته الدول التي تتفاوض مع ايران واذا أنقصنا منها ست دول خليجية حيث لم يكن لهم حضور في المحادثات فان النتيجة صفر

    دول الخليج اليوم في أضعف صورها منذ الحرب العالمية الثانية بل ربما بدأت بانحدار لا ارادي ولا يمكن كبح جماحه وليس لهذه الدول الا انتظار النتائج وعسى العواقب سليمة والله يستر ومن هذه الشعارات الجوفاء الى أن نصل الى القعر محطمين واشلاء.

    حتى ردة الفعل مساوية في الاتجاه دول الخليج ترحب بالاتفاق على حساب سيادتها وعزتها واوطانها.

    عكس ردة فعل اسرائيل والتي كانت ردة فعل معاكسة وتنطوي على حنكة سياسية لتعويضات متوقعة من أمريكا بمنح عسكرية ومالية

    أما دول الخليج فما أقواها عسكريا وما أقواها ماديا فهي ليست بحاجة الى سلع أمريكا العسكرية وان ارادت القليل فهي بأسعار لا يمكن تصديقها نحن لسنا بحاجة لأحد وإن غرقت الرياض فس شبر ماء.

  3. عبد الملك العنزي كتب:

    سلمت يراعك التي خطت تلك الأسطر الموجزة للغافلين أو المتغافلين عن الواقع

  4. الدول المتقدمةوسياساتها الخارجية لا تبنى على العواطف والصداقات، قد توظفها، ولكن تبقى قراراتها مرتبطة بالمصالح والرؤية الاستراتيجية لاتحيد عنها. لنمطنا الاسلامي عصاالسبق في صناعة العنف الفكري والكراهية والاقصاء، تقربت امريكا من الاخوان السنة ممثلين للاكثرية المسلمة ولكنهم فشلو، وهاهي تختار الاسلامي الشيعي الاقل عنفا واقصاءا وتطرفا، هو مذهب الاقلية ولكنه حليف مناسب للحرب على الارهاب السني في المنطقة. عندما ينشغل المسلمون بالتقاتل في المنطقة يتخلص الغرب من الارهاب، وتصبح سوق السلاح مزدهرة. الى متى تضل سياساتنا في المنطقة تابعة للمذهب والعواطف؟ متى سندير علاقاتنا بناءا على مصالحنا الحقيقية ورؤيتنا بعيدا عن الاستقطاب المذهبي. وجود الحرمين يفرض علينا ان نكون حضنا حانيا على كل من شهد ان لا اله الا الله، دون تمييز او تكفير او اقصاء. هنا نستطيع ان ندير علاقاتنا في فضاء فسيح وبناءا على مصالحنا وليس في فناء المذهب الضيق.

التعليقات مغلقة.